تستحق سورة الفاتحة دراسة شاملة لأهميتها وفضلها، حيث اختار الله سبحانه وتعالى أن يفتتح بها كتابه الكريم. لذا، نقدم لكم بحثًا مفصلاً حول سورة الفاتحة، يتناول معاني القرآن الأساسية ومنها: توحيد الله، والامتثال لأوامره، والتخلص من الشرك وأهله. وسنسلط الضوء في هذا المقال على سبب نزول السورة وفضلها وبعض أسمائها.
مقدمة حول سورة الفاتحة
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس دونه شيء. والصلاة والسلام على النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد، فقد أعان الله سبحانه وتعالى نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم بالقرآن الكريم، الذي يهدي البشر إلى عَبر الصراط المستقيم. وقد جعل كل سورة من السور بمثابة بناء قائم بذاته بفضل أسلوبها وألفاظها. وفي هذا البحث، سنستعرض سورة الفاتحة، مسمياتها وفضائلها.
اطلع أيضًا على:
تاريخ نزول سورة الفاتحة وعدد آياتها
شغلت مسألتان رئيسيتان العلماء والمفسرين عند دراسة سورة الفاتحة، وهما: وقت نزولها وعدد آياتها، وسنبين آراء العلماء كما يلي:
1- مكان نزول سورة الفاتحة وتاريخها
تُعدّ سورة الفاتحة إحدى السور المكية، وقد استند العلماء إلى قوله تعالى في سورة الحجر: “وَلَقَد آتَيناكَ سَبعًا مِنَ المَثاني وَالقُرآنَ العَظيمَ” (الآية 87). والمقصود بالسبع المثاني هنا هو سورة الفاتحة. وقد أجمع المفسرين على أن سورة الحجر مكية، فضلاً عن أن العديد من العلماء يرون أن سورة الفاتحة هي من أوائل السور التي نزلت في بداية الدعوة، حيث نزلت مرة في مكة عند فرض الصلاة وأخرى في المدينة عند تحويل القبلة.
2- عدد آيات سورة الفاتحة
تباينت آراء المفسرين بشأن عدد آيات سورة الفاتحة، وذلك بسبب البسملة وآخر آية فيها، والذي يتلخص كالتالي:
البسملة: اعتقد ابن عباس، وابن عمر، وأبو هريرة أن البسملة تُعتبر من آيات سورة الفاتحة، وقد أخد بهذا الرأي كل من الشافعي والإمام أحمد. بينما يرى بعض العلماء أن البسملة ليست آية من السورة بل تفصل بين سور القرآن.
آخر آية في السورة: يعتقد بعض المفسرين أن آية “صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ” تُعتبر آية واحدة، بينما يعتبرها آخرون آيتين تنتهي الأولى عند “عليهم” وتبدأ الثانية بـ “غير المغضوب” وعليه فإن عدد آيات السورة هو 7 دون احتساب البسملة.
اطلع أيضًا على:
أسماء سورة الفاتحة
تُعرف سورة الفاتحة بهذا الاسم منذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم، لأنها تُمثل فاتحة الكتاب وتُفتتح بها الصلاة. ولكن لها أسماء أخرى أبرزها:
- سورة الحمد: لأنها تبدأ بحمد الله والثناء عليه.
- أم القرآن: لأنها تتضمن أصول العقيدة وتطبيق أحكامها التي تقود العبد إلى الصراط المستقيم.
- السبع المثاني: لأنها تتألف من سبع آيات.
- الشافية: لأنها تحتوي على الشفاء والعلاج.
- فاتحة الكتاب: استنادًا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب” رواه البخاري.
اطلع أيضًا على:
فضل سورة الفاتحة
تميزت سورة الفاتحة عن باقي سور القرآن بعدة فضائل، منها:
- تعتبر أعظم سورة في القرآن، حيث قال أبو سعيد بن المعلي أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبره: “لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد” فعلمه سورة الفاتحة، (رواه البخاري).
- لا تُقبل صلاة العبد دون قراءتها حسب حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب” (رواه البخاري).
- لم يُنزَل في الكتب السابقة ما يشبهها، كما جاء في حديث أبي هريرة: “والذي نفسي بيده، ما أنزل اللهُ في التوراةِ ولا في الإنجيلِ ولا في الزبورِ ولا في الفرقانِ مثلها” (رواه الألباني).
- شاملة لأصول الدين، بحيث بدأت بحمد لله والثناء عليه وتوحيده، ومن ثم الخضوع والامتثال لعبادته مع طلب الإعانة.
- تُعتبر أيضًا شافية، حيث استخدمها النبي صلى الله عليه وسلم في الرقية.
خاتمة حول سورة الفاتحة
من خلال ما ذكرناه من فضائل، يتضح لنا مكانة سورة الفاتحة وتميزها بين سور القرآن الكريم. على الرغم من حجمها القصير، إلا أنها تحتوي على معانٍ عميقة، مما جعلها تستحق أن تكون فاتحة الكتاب.
وبذلك، نكون قد استعرضنا فضائل سورة الفاتحة، وبادرنا بصورة واضحة تُظهر لها منزلة سامية، مما يبرهن على بلاغة القرآن، فهو كلام الله الذي لا يُقارن.