أهمية العلاج الإشعاعي في مكافحة السرطان
يُعتبر العلاج الإشعاعي للسرطان (بالإنجليزية: Cancer Radiation therapy) من أكثر الوسائل العلاجية شيوعًا، حيث يُستخدم في أكثر من نصف حالات الإصابة بالسرطان. يمكن تطبيق هذا العلاج على معظم أنواع السرطان تقريبًا. تعتبر فعالية العلاج الإشعاعي مرتفعة خاصةً في استهداف المادة الوراثية للخلايا سريعة الانقسام، التي تُميز الخلايا السرطانية عن العديد من الخلايا الطبيعية في الجسم. وبفضل قدرة الخلايا السرطانية المحدودة على إصلاح الأضرار الوراثية، يؤدي ذلك إلى زيادة فعالية العلاج الإشعاعي في مكافحة المرض.
سلامة العلاج الإشعاعي
تم استخدام العلاج الإشعاعي بنجاح لأكثر من قرن من الزمان. خلال هذه الفترة، تم تحسين الأساليب العلاجية ورفع مستوى الأمان والفعالية للعلاج الإشعاعي. قبل البدء في العلاج، يقوم مقدمو الرعاية الصحية المختصون بتحضير الجهاز المناسب والجرعة المثالية للمريض بشكل دقيق.
الحالات التي تستدعي إجراء العلاج الإشعاعي
تُستخدم التقنية الإشعاعية في عدة سياقات؛ كعلاج رئيسي في حالات معينة من السرطان، أو كعلاج مساعد يتكامل مع أساليب علاجية أخرى مثل العلاج الكيميائي (بالإنجليزية: Chemotherapy)، مما يعزز فعالية العلاج ويحد من انتشار الخلايا السرطانية (بالإنجليزية: Metastasis). وفيما يلي بعض الحالات التي تتطلب استخدام العلاج الإشعاعي:
- العلاج الرئيسي: في بعض الأمراض، مثل سرطان البروستات وسرطان الحنجرة، قد يعتمد الطبيب بشكل كامل على العلاج الإشعاعي.
- العلاج المساعد: يُستخدم العلاج الإشعاعي كعلاج تكميلي في الأمراض التي يلزمها علاجات أخرى، مثل سرطان الثدي الذي يمكن أن يُعالج بالجراحة، والعلاج الإشعاعي، والعلاج الكيميائي مجتمعة. كما يمكن أن يستخدم العلاج الإشعاعي لتقليل حجم الورم قبل الجراحة أو لتثبيط أي نمو لخلايا سرطانية بعد استئصال الورم.
- التخفيف من الأعراض: يُطلق على العلاج الإشعاعي المصمم لتخفيف الأعراض بطريقة تلطيفية (بالإنجليزية: Palliative Care) في الحالات المتقدمة، حيث يتم تقليل حجم الأورام للتخفيف من الأعراض مثل الضيق في التنفس.
الآثار الجانبية للعلاج الإشعاعي
لا يعاني بعض المرضى من أي آثار جانبية بسبب العلاج الإشعاعي. ومع ذلك، قد يعاني البعض الآخر من آثار جانبية معينة، يمكن التعامل معها أو الوقاية منها، وغالبًا ما تزول بعد انتهاء العلاج. يعتمد ظهور هذه الآثار الجانبية على مجموعة من العوامل، بما في ذلك موقع العلاج، نوع الإشعاع المستخدم، والظروف الصحية العامة للشخص. ويحظى العلاج الإشعاعي بتأثير محصور في منطقة معينة من الجسم، مما يساعد على تقليل الآثار الجانبية. على سبيل المثال، قد لا يعاني الشخص الذي يتلقى العلاج الإشعاعي في منطقة غير الرأس من تساقط الشعر إلا في حالة العلاج في الرأس.
توقيت ظهور الآثار الجانبية للعلاج الإشعاعي
تقسم الآثار الجانبية للعلاج الإشعاعي إلى نوعين: الآثار الجانبية المبكرة، والتي قد تبدأ خلال أو بعد أسابيع قليلة من بدء العلاج، مثل الإعياء والتقلبات الجلدية، بما في ذلك تساقط الشعر والغثيان. والآثار الجانبية المتأخرة، التي قد لا تظهر إلا بعد عدة سنوات، مثل اضطرابات القلب والرئتين.
الآثار الجانبية الشائعة للعلاج الإشعاعي
الإعياء
يُعتبر الإعياء (بالإنجليزية: Fatigue) من الآثار الجانبية الشائعة التي تصاحب مرض السرطان والعلاج الإشعاعي. يعاني المريض من شعور بالإرهاق الجسدي والعاطفي والعقلي، وغالبًا ما يبدأ هذا الشعور بعد عدة أسابيع من بدء العلاج. يرجع الإعياء إلى التأثير المباشر للإشعاع على بعض الخلايا السليمة، بالإضافة إلى الضغط النفسي الناتج عن زيارات مركز العلاج. يُظهر الإعياء المصاحب للعلاج الإشعاعي اختلافًا عن الإعياء العادي الناتج عن الأنشطة اليومية، وعادةً ما يتلاشى بعد انتهاء العلاج. إليك بعض النصائح لتخفيف الإعياء الناتج عن العلاج الإشعاعي:
- الحفاظ على صحة عامة جيدة، واتباع نظام غذائي متوازن، والالتزام بخطة العلاج الموضوعة، مع الحرص على الحصول على قسط كافٍ من الراحة.
- العمل على إدارة الطاقة للجسم لأداء الأنشطة الأساسية.
- التحدث مع الطبيب حول استراتيجيات حفظ الطاقة وتقليل التوتر، وأهمية عدم التفكير بالإعياء.
- الموازنة بين فترات الراحة والنشاط، إذ أن الإفراط في الراحة قد يؤدي إلى مزيد من التعب.
- التماس الدعم المطلوب من الأهل والأصدقاء، وعدم التردد في أخذ استراحة من العمل عند الشعور بالإعياء.
اضطرابات البشرة
يمكن أن تظهر بعض اضطرابات الجلد لدى مرضى العلاج الإشعاعي حسب المنطقة المعالجة، وغالبًا ما تظهر بعد أسبوع أو أسبوعين من بدء العلاج. قد تتضمن هذه الأعراض الحكة، الجفاف، التقرحات، وتقشر البشرة. وعادةً ما تختفي هذه الأعراض بعد أسابيع من انتهاء العلاج. من المهم استشارة الطبيب إذا ظهرت تلك الأعراض، حيث قد يحتاج الأمر إلى تعديل خطة العلاج. ومن النصائح الموصى بها لتخفيف الأعراض:
- ترطيب البشرة بشكل يومي.
- تجنب السباحة في مياه تحتوي على الكلور.
- تجنب فرك البشرة الجافة، والحرص على التعامل برفق معها.
- غسل البشرة يوميًا بماء وصابون غير معطر.
- تجنب استخدام العطور والصابون المعطر على المناطق المتضررة.
- تجنب الحلاقة في المنطقة المعالجة، واستبدالها بماكينة حلاقة كهربائية إذا كان ذلك ممكنًا.
- استخدام واقي الشمس عند الخروج لحماية البشرة من الأشعة الضارة.
- ارتداء ملابس مريحة مصنوعة من الألياف الطبيعية وتجنب الملابس الضيقة.
الوذمة اللمفية
الوذمة اللمفية (بالإنجليزية: Lymphedema) تُعتبر من الآثار الجانبية المحتملة للعلاج الإشعاعي، حيث يظهر انتفاخ ناجم عن تراكم السوائل تحت الجلد نتيجة إزالة أو تلف الغدد اللمفاوية. وتعتمد وظيفة هذه الغدد على تنظيم السوائل وإزالة الفضلات، مما يعني أن أي مشاكل فيها قد تؤدي إلى انسدادات. وغالبًا ما يحدث هذا الانتفاخ في الأطراف السفلية أو العلوية. يشمل علاج الوذمة اللمفية على:
- ممارسة تمارين خفيفة لتحسين تصريف السوائل.
- تضميد الأطراف المتأثرة لتسهيل حركة السوائل نحو جذع الجسم.
- إجراء تصريف لمفاوي يدوي باستخدام أساليب تدليك خاصة.
- استخدام علاج الضغط الهوائي لمساعدتها في تصريف السوائل المتجمعة.
- ارتداء الملابس الضاغطة لمساعدة الجسم على تصريف السوائل بشكل أفضل.
- إجراء عمليات جراحية في الحالات المتقدمة لإزالة الأنسجة الزائدة وخفض الانتفاخ.
الآثار الجانبية وفقًا للمنطقة المعالجة
تختلف الآثار الجانبية للعلاج الإشعاعي وفقًا للمنطقة المستهدفة، ومن بينها:
الرأس والرقبة
غالبًا ما تؤدي العلاجات في منطقة الرأس والرقبة إلى تهيج الأغشية المخاطية في الفم والبلعوم، وتظهر الآثار الجانبية التالية:
- تقرحات الفم.
- جفاف الفم.
- اضطرابات جلدية.
- تساقط الشعر.
- فقدان القدرة على التذوق.
- فقدان الشهية.
- صعوبة في البلع.
- تصلب الفك المعروف بكزاز الفك (بالإنجليزية: Trismus).
- الغثيان والتقيؤ.
- اضطرابات الأسنان.
- جفاف العينين وضعف الرؤية.
- آلام في الأذن وضعف السمع.
- إصابة الأعصاب، التي قد تؤدي إلى اضطرابات في الرؤية والسمع وكذلك الضعف في المناطق المعالجة.
- النخر العظمي الإشعاعي (بالإنجليزية: Osteoradionecrosis).
- تغيرات في الصوت مثل بحة الصوت.
- اضطرابات هرمونية ناجمة عن تأثير العلاج على الغدد.
يمكن تطبيق بعض النصائح لتخفيف هذه الآثار:
- تجنب استخدام غسول الفم الذي يحتوي على الكحول، والتحدث مع الطبيب حول الخيارات المناسبة.
- المضمضة بمحلول ملحي وصودا كل ساعتين تقريبًا للحفاظ على صحة الفم.
- إبلاغ الطبيب عند ارتداء طقم أسنان صناعي.
- تجنب الأطعمة ذات الحواف الحادة.
- تناول الأطعمة اللينة والسائلة.
- تناول الطعام عند الشعور بالجوع حتى لو كان خارج الأوقات المعتادة.
- تناول العلكة الخالية من السكر للتخفيف من الجفاف.
- استخدام ماكينات الحلاقة الكهربائية.
- استشارة الطبيب بشأن المكملات الغذائية.
- حمل زجاجة ماء للشرب بشكل دوري.
مرضى الصدر
تتبع بعض الآثار الجانبية في منطقة الصدر، ومنها:
- السعال.
- ضيق التنفس.
- تغيرات جلدية.
- تساقط الشعر.
- الإعياء.
- صعوبة في البلع.
يمكن تنفيذ النصائح التالية للتخفيف من هذه الآثار:
- تجنب التعرض للمهيجات مثل دخان السجائر.
- شرب كميات كافية من السوائل لترقيق البلغم.
- استخدام جهاز ترطيب الهواء في المنزل.
- وضع الذراعين على الطاولة لتوفير الراحة.
- التنفس من خلال الأنف والزفير بلطف من الفم لتقليل ضيق التنفس.
- رفع الرأس عند الاستلقاء.
الحوض
تشمل الآثار الجانبية المحتملة للعلاج الإشعاعي في منطقة الحوض:
- نزيف شرجي.
- إسهال.
- تهيّج المثانة.
- السلس البولي.
تظهر آثار جانبية أخرى بحسب الجنس، مثل:
- للرجال: يمكن أن تواجه مشاكل في القدرة الجنسية مثل ضعف الانتصاب.
- للنساء: قد يؤثر العلاج على القدرة الإنجابية، إلى جانب مشكلات في الدورة الشهرية.
للتخفيف من هذه الآثار، يجب اتباع النصائح التالية:
- تجنب تناول الخضار والفواكه وغير المطبوخة.
- تقسيم الوجبات إلى وجبات صغيرة.
- تجنب المشروبات المحتوية على الكافيين.
- التأكد من شرب ما يكفي من السوائل يوميًا.
- استشارة الطبيب حول استخدام موانع الحمل.
- استشارة الطبيب بشأن الأدوية المسكنة للألم عند التبوّل.
الدماغ
قد يصاحب العلاج الإشعاعي للدماغ آثار جانبية متعددة، ومن بينها زيادة التهاب الدماغ. تُستخدم أدوية الستيرويد عادة للتخفيف من الانتفاخ. يعاني بعض المرضى أيضًا من تساقط الشعر، لكن يعود إلى النمو الطبيعي بعد فترة العلاج. تشمل الأعراض الأخرى:
- الإعياء.
- الغثيان والتقيؤ.
- الصداع
- زغللة العين.
- اضطرابات جلدية.
الثديين
النساء الذين يخضعن للعلاج الإشعاعي في منطقة الثدي قد يواجهن آثار جانبية عديدة تشمل تغيّرات جلدية، احمرار، تغير في حجم الثدي. قد يصاحب ذلك أيضًا الإعياء وتساقط الشعر. لنقلل من الآثار الجانبية:
- استشارة الطبيب بخصوص مزيلات العرق المناسبة.
- تجنب ارتداء حمالات الصدر التقليدية.
- تجنب التمارين الرياضية المكثفة.
البطن والمعدة
تختلف الآثار الجانبية في منطقة البطن وفقًا لنوع العلاج. الآثار المحتملة تشمل:
- الإسهال.
- تقرحات المعدة.
- عسر الهضم.
- فقدان الشهية.
- تجميع الغازات في البطن.
- الغثيان والتقيؤ.
- التهاب الأمعاء الإشعاعي.
تُحل معظم هذه الآثار بعد العلاج، مع إمكانية تغيير النظام الغذائي لحل المشكلة. إليك بعض النصائح:
- تقسيم الوجبات إلى ست وجبات صغيرة.
- تناول وجبة خفيفة قبل العلاج.
- تجنب تناول الطعام قبل العلاج بساعات.
- الابتعاد عن الأطعمة الدهنية والحارة.
- تجنب المشروبات الساخنة.
- تجنب الأطعمة ذات الرائحة النفاذة.
الآثار الجانبية طويلة الأجل
على الرغم من أن آثار العلاج الإشعاعي قد تختفي عادةً بعد انتهاء العلاج، إلا أن البعض قد تستمر لفترات طويلة. تُعتبر تأثيرات العلاج أكثر أهمية من خطر هذه الآثار في معظم الحالات:
- نمو سرطاني ثانوي نتيجة التعرض للإشعاع.
- هشاشة العظام.
- تغير لون البشرة.
- تغيرات عاطفية وعقلية.
- مشكلات في القلب أو الرئة بعد العلاج في منطقة الصدر.
- مشكلات في الخصوبة عند العلاج في منطقة الحوض.
الآثار الجانبية للعلاج الإشعاعي التي تتطلب مراجعة الطبيب
بينما قد تكون معظم الآثار الجانبية تحت السيطرة، إلا أن بعض الأعراض تستدعي زيارة الطبيب، وتشمل:
- حمى تُسجل أكثر من 38 درجة مئوية، أو الشعور بالقشعريرة.
- مشكلات جلدية مثل الألم أو التقيحات.
- التغيرات في التبرز، كالتبرز المائي أكثر من 6 مرات يوميًا.
- رؤية دم مع البراز.
- عدم القدرة على تناول الطعام أو الشراب لأكثر من 12 ساعة.
- فقدان وزن غير مبرر بمقدار حوالي 2 كيلو غرام.
- الغثيان والتقيؤ المستمر.
- صعوبة في التنفس.
- التقيؤ ثلاث مرات خلال ساعة واحدة لأكثر من ثلاث ساعات.
- عدم القدرة على تناول الدواء بسبب مشكلات المعدة.