تأثيرات التشرُّد على المجتمع
التأثيرات الاجتماعية
تمثل ظاهرة التشرُّد ظاهرة ذات آثار عميقة ومتنوعة تؤثر على المجتمع الذي تظهر فيه. ينظر البعض إلى الأفراد المشردين بشكل متدنٍ، ويتحملونهم مسؤولية الظروف التي يعيشونها، معتبرين أن خياراتهم هي سبب معاناتهم. في حين يغفل هؤلاء عن الأسباب الجوهرية والمحتملة التي أدت إلى هذه الظاهرة، مثل عدم توزيع الموارد والدخل حسب الطبقات الاجتماعية، وغياب العدالة والمساواة، مما يولّد شعورًا بالخوف بين أفراد المجتمع ويعيق مشاركتهم في التنمية. هذا بالإضافة إلى تفكيك الشعور بالوحدة في بعض المجتمعات، وخلق فجوات بين أعضائها، ما يمكن أن يؤدي إلى ظهور مشاكل أكثر تعقيدًا في المجتمع.
التأثيرات الاقتصادية
يُعتبر الفرد المشرد عادةً مُستهلكًا للموارد العامة بدلاً من كونه عنصرً الإنتاج ضمن المجتمع، إذ تشكل تكلفة الإنفاق على خدمات الدعم المجاني له عبئًا إضافيًا على خزائن الدولة. على سبيل المثال، خصصت ولاية فلوريدا مبلغًا كبيرًا يقدر بـ 168 مليون دولار لتمويل البرامج التي تساعد على مواجهة التشرُّد. في المقابل، يُكلف كل مشرد في مقاطعة سانتا كلارا نحو 83,000 دولار سنويًا، ما يعني أن تكلفة التشرُّد تجاوزت 520 مليون دولار سنويًا. وفقًا لمسؤولين في لوس أنجلوس، كان هناك أكثر من خمسة عشر وكالة تعمل لمساعدة هؤلاء الأفراد، حيث كان الإنفاق المخصص من قبل إدارة شرطة لوس أنجلوس على المشردين يتراوح بين 53.6 و87.3 مليون دولار سنويًا.
يمتد تأثير التشرُّد السلبي أيضًا إلى قطاعات حيوية مثل السياحة والأعمال، حيث ينعكس انتشار هذه الظاهرة سلبًا على حركة السياحة في البلاد، نظرًا لاحتمال ارتكاب بعض المشردين لجرائم أو تعرضهم للعنف. كما يمكن أن يؤثر التشرُّد على رغبة الشركات للاستثمار في منطقة معينة، نظرًا لرغبتها في تجنب خلق بيئة عمل قد تزعج الزبائن، مما قد يؤدي إلى انخفاض الإيرادات التجارية للدولة والمواطنين، كما أن تزايد عدد المشردين في منطقة معينة قد يستتبع تدهورًا اقتصاديًا طفيفًا للنشاط التجاري.
التعدي على الممتلكات العامة
يميل بعض المشردين إلى استخدام المرافق العامة مثل الحدائق كمأوى لهم، خصوصًا خلال النهار، مما يؤثر سلبًا على إقبال الناس على هذه المرافق. كما أن ذلك قد يؤدي إلى نشوب خلافات بين الزوار والمشردين. بالإضافة إلى ذلك، قد يتسبب المشردون في إلحاق الأذى بالممتلكات العامة عن طريق إعاقة خدمات تلك الأماكن، مما يجعل الأمر محيرًا أمام المسؤولين الذين قد يضطرون لإنهاء نشاط هذه المرافق أو إغلاقها.
تأثيرات التشرُّد على صحة الفرد
الصحة الجسدية
يواجه العديد من المشردين مشاكل صحية متعددة. تشمل هذه التحديات الأمراض المزمنة مثل السرطان، والأمراض المنقولة جنسيًا، وسوء التغذية، والإصابة بالطفيليات، وأمراض الأسنان، وأمراض المفاصل، والتهاب الكبد. يُعزى ارتفاع نسبة هذه الأمراض إلى الأسباب المرتبطة بغياب الرعاية الصحية، وعدم التحلي بالنظافة الشخصية، بالإضافة إلى الافتقار للوعي بأهمية ذلك، حيث لا يهتم بعضهم بالاستحمام لفترات قد تصل إلى ثلاثة أشهر. كما أن الظروف الجوية القاسية وطبيعة الغذاء الذي يتناولونه تلعب دورًا في تفاقم مشكلاتهم الصحية.
الصحة النفسية
إن الأفراد المشردين عرضة للإصابة بمشكلات نفسية متزايدة، مثل الاكتئاب، والقلق، والاضطرابات العقلية، مثل انفصام الشخصية. تتسم العلاقة بين الأمراض العقلية والتشرُّد بالتعقيد، حيث تؤدي الإصابة بأحدهما إلى تفاقم الآخر. ونظرًا لهذه المعاناة، يواجه المشردون صعوبة أكبر في مواجهة متطلبات الحياة اليومية، أو الحصول على دخل ثابت. تشير الدراسات إلى أن نسبة عالية من الأشخاص ذوي الأمراض النفسية هم من المشردين الذين يعيشون دون مأوى، وقد تتفاقم أوضاعهم الاجتماعية عندما يتعرضون لنظام عدلي غير مرن مما يؤدي إلى انعزالهم الإضافي.
التشرُد ومعدل الانتحار
يتعرض المشردون للكثير من الضغوط الحياتية التي تؤدي إلى تراكم الضغوط السلبية، ما قد يُفضي إلى التفكير في الانتحار كخيار. تُظهِر الأبحاث أن معدلات الانتحار بين فئة المشردين تفوق فئات المجتمع الأخرى، حيث أكدت دراسة أجريت في عام 2012 أن معدل الانتحار بينهم كان أعلى بـ عشرة أضعاف. ومن الجدير بالذكر أن نصف عدد المشردين يفكر في الانتحار أو يحاول القيام به.
تأثيرات التشرُّد على الأطفال
يعتبر الأطفال المشردون جزءًا من ضحايا المجتمع، حيث حرمتهم ظروف الحياة المتدهورة من حقهم في التنمية الصحية. يتعرض الأطفال إلى انتهاكات متنوعة مثل التعنيف مما ينعكس سلبًا على صحتهم النفسية والجسدية، ويدفعهم إلى تطوير مشكلات سلوكية قد تجعل من الصعب عليهم التكيف مع البيئة التعليمية والمجتمعية. كذلك، يواجه هؤلاء الأطفال تحديات في الحصول على حقوقهم في التعليم، مما يؤدي إلى زيادة القلق والعزلة، وارتفاع معدلات السلوك العدواني.
تأثيرات التشرُّد على المرأة
تعاني النساء من ظاهرة التشرُّد لأسباب عديدة، بما في ذلك الاعتداءات الجنسية والعنف الأسري، مما يُصعّب عليهن دعم أسرهن. تسعى الكثير منهن للبحث عن مأوى بديل، وهن مضطرات للاعتماد على الآخرين للحصول على أساسيات الحياة. قد تضطر بعضهن إلى اتخاذ خطوات غير مشروعة أو الانغماس في ظروف خطرة. كما أن الأمهات المشردات يشعرن بالذنب لترك أطفالهن بدون رعاية، مما يتسبب في آثار سلبية على صحتهن، خاصة في فترات الحمل حيث تُظهر الإحصائيات أن نصف الحوامل من المشردات لم يحصلن على الرعاية الطبية اللازمة في الثلث الأول من حملهن، مما يزيد من مخاطر ولادة أطفال يعانون من مشاكل صحية.
التشرُد والعنف
يتعرض المشردون لأعمال عنف تشمل الضرب والاعتداء اللفظي. تشير الأبحاث في هذا المجال إلى أن المشردين أكثر عرضة ليكونوا ضحايا للعنف، حيث أظهرت بيانات أن نسبة كبيرة قد تعرضت لمثل هذه الحالات. يُعزى ذلك إلى غياب المأوى الخاص بهم، مما يجعلهم عرضة للانتهاكات خلال فترات نومهم.
تتكون ردود الفعل السلبية عند بعض المشردين من الشعور بالعجز واليأس، مما قد يقودهم إلى استخدام العنف كوسيلة للبقاء، حيث أشارت الدراسات إلى أن خُمس homeless individuals resort to violence لتحقيق مأوى لهم.
التشرُد والبطالة
تُعتبر فرص الحصول على العمل للمشردين أقل بكثير مقارنة بالآخرين رغم امتلاكهم للمهارات اللازمة. تعرّفهم على عقبات عديدة مثل عدم النظافة، التوتر، وضعف الصحة، ما يعوق قدرتهم على الاندماج في سوق العمل. العديد منهم يرفضون القبول بوظائف حتى وإن توفرت، مما يزيد من صعوبة استدامتهم في العمل.
آثار التشرُّد على البيئة المحيطة
تؤثر ظاهرة التشرُّد سلباً على البيئة المحيطة، بفعل سلوكيات غير صحيّة مثل تراكم النفايات وتلويث مصادر المياه. كما أن قضاء الحاجة في الأماكن العامة يُسهم في تفاقم الحالة الصحية للبيئة، مما يجعل من الصعب ترميمها وإعادتها إلى وضعها الطبيعي. أيضًا، قد تؤدي عمليات التخييم غير الشرعية إلى قطع الأشجار وتخريب الأراضي، مما يُظهر الحاجة الملحة إلى حلول فعّالة لمعالجة هبوط معايير البيئة.
تعريف التشرُّد
يمكن تعريف التشرُّد على أنه نمط من الحياة يتعارض مع الأسس الطبيعية للحياة البشرية. في المصطلحات القانونية، يُعرّف بأنه الحالة التي يُضطر فيها الفرد للعيش في ظروف غير مناسبة أو غير آمنة، ويستمر فيها لفترة زمنية لا تقل عن سنة واحدة. وتُعتبر هذه الحالة متنامية إذا استمرت عبر فترات متفرقة في فترة ثلاث سنوات أو إذا عاش الشخص فترة طويلة في مؤسسات رعاية.