أثر القرآن الكريم في تشكيل شخصية الإنسان
يمتاز تأثير القرآن الكريم في تشكيل شخصية الإنسان بجوانب مختلفة يمكن استعراضها على النحو التالي:
الأثر الفكري
يحث القرآن الكريم الإنسان على استخدام عقله والتفكير العميق من خلال العديد من الآيات، مما يعزز أهمية العلم والعمل به. فبفضل العقل، يرتقي الإنسان ويصبح قادراً على التفكير المنطقي السليم، مما يمكنه من إدراك المشكلات وإيجاد الحلول المناسبة. كما جاء في قوله -تعالى-: قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ
.
الأثر الأخلاقي
تُعد المبادئ الأخلاقية التي دعا إليها القرآن الكريم من الأبعاد الهامة، ومن أبرزها:
- العدالة
حيث يقول -تعالى-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّـهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَن تَعْدِلُوا وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
.
- الأمانة
قال -تعالى-: إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ
.
الأثر النفسي
حث القرآن الكريم على السعي لتحقيق العديد من القيم النفسية، ومن أبرز هذه القيم:
- كرامة النفس البشرية
أقرّ القرآن الكريم ضرورة احترام كرامة الإنسان، مشدداً على أهمية التوازن في السلوك دون تكبر أو ذل. قال -تعالى-: وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ
. وأضاف أيضاً: وَلَقَد كَرَّمنا بَني آدَمَ وَحَمَلناهُم فِي البَرِّ وَالبَحرِ وَرَزَقناهُم مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلناهُم عَلى كَثيرٍ مِمَّن خَلَقنا تَفضيلًا
.
- الاطمئنان
يعتبر الاطمئنان من أعلى درجات النفس الإنسانية، حيث يحمل الإنسان المطمئن على الارتقاء بأعماله في الدنيا والآخرة، كما ورد في قوله -تعالى-: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً* فَادْخُلِي فِي عِبَادِي* وَادْخُلِي جَنَّتِي
.
- الحياء
يستعرض القرآن الكريم قيمة الحياء ويحثّ على تجسيدها في مختلف جوانب الحياة. إذ يقول -تعالى-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ
، مما يوضح أهمية هذه القيمة وما لها من تأثير على العلاقات الاجتماعية.
أنواع الشخصية الإنسانية في القرآن
يعتبر القرآن الكريم دليلاً شاملاً للإنسان بشكل عام، وللمسلم بشكل خاص. فقد كان له دور بارز في بناء الفرد والمجتمع منذ بداية الوحي على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-. ويمكن التعرف على تأثير القرآن في تشكيل شخصية الإنسان من خلال ما يلي:
- الشخصية المؤمنة
يُظهر القرآن الكريم معالم هذه الشخصية من خلال ارتباط جميع حركاتها بالإيمان العميق والتوجه لله سبحانه وتعالى، حيث تتميز بالعبادة والثقة بالله. قال -تعالى-: قُل إِنَّ صَلاتي وَنُسُكي وَمَحيايَ وَمَماتي لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ* لا شَريكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرتُ وَأَنا أَوَّلُ المُسلِمينَ
.
- الشخصية الكافرة
تمثل هذه الشخصية في القرآن الكريم شخصية خصوم الإيمان، كفرعون وقومه. وقد عُرضت بأساليب متعددة تظهر تكبرهم ومعاندتهم للحق. قال -تعالى-: فَما آمَنَ لِموسى إِلّا ذُرِّيَّةٌ مِن قَومِهِ عَلى خَوفٍ مِن فِرعَونَ
.
- شخصية المنافقين
تظهر هذه الشخصية كإنسان مضطرب يظهر شيئاً ويخفي شيئاً آخر، مكشوف عن نفعه الشخصي مع تجاهل للآخرة. قال -تعالى-: يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
.
- شخصية الملأ
تشترك هذه الشخصية في سمات مع الكافرين والمنافقين، حيث تتكون عادة من أصحاب السلطة الذين يسعون لمصالحهم الخاصة وينشرون الخوف بين الناس. يقول -تعالى-: وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ
.