أسيد بن حضير
أسيد بن حضير بن سماك بن عتيك رضي الله عنه، أحد الصحابة البارزين، وُلِد في زمن الجاهلية وكرّس حياته للدفاع عن الإسلام بعد دخول الدين الحنيف. كُنيته هي أبو يحيى أو أبو عمرو أو أبو حُضير، وقد كان زعيماً مشهوراً في قبيلته الأوس قبل أن يعتنق الإسلام، حيث ورث موقعه القيادي من والده. وعُرف بشجاعته الكبيرة في المعارك، بالإضافة إلى فكره النير وشخصيته القوية. أسلم في وقت مبكر على يد الصحابي مصعب بن عمير رضي الله عنه. أثناء هجرة النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- إلى المدينة، آخى بينه وبين زيد بن حارثة رضي الله عنهما. رغم أنه لم يشترك في غزوة بدر، ظنّ أن المسلمين خرجوا لغرض التجارة، إلا أنه شارك في غزوة أحد وتعرض فيها لإصابات عديدة. توفي أسيد رضي الله عنه في السنة العشرين للهجرة، وحمل نعشه الخليفة عمر رضي الله عنه، وتم دفنه في البقيع.
فضل أسيد بن حضير
هناك العديد من الأقوال التي تشير إلى فضل أسيد ومكانته العالية لدى النبي محمد وأصحابه. فقد امتدحه النبي -عليه الصلاة والسلام- في أكثر من مناسبة، كما قالت عائشة رضي الله عنها: “ثلاثةٌ من الأنصار لم يكن أحدٌ يعْتدِي عليهم، كلهم من بني عبدِ الأشهل: أُسيدُ بنُ حُضَيرٍ، وسعدُ بنُ مُعاذٍ، وعبادُ بنُ بِشرٍ”. وكان أسيد يتمتع بروح مرحة وفكاهة مميزة، ففي إحدى المرات قام النبي -عليه الصلاة والسلام- بالبطش به بعصا أثناء تصحيح صفوف الصلاة، فطالب أسيد بمساحة من المزاح وأكد أنه كان بدون قميص بينما كان النبي يرتدي قميصاً، فرفع النبي قميصه فأقبل أسيد لتقبيله، مما أضاف لمسة من الفرح والمزاح إلى الموقف.
حُسن تلاوة أسيد وامتداح النبي له
يُروى في حديث طويل في صحيح البخاري أن أسيد بن حضير كان يقرأ سورة البقرة ليلاً، وكان جواده بالقرب منه. وعندما سمع الجواد صوته كان يجول حوله. في كل مرة يتوقف فيها أسيد عن القراءة، كان الجواد يتوقف أيضاً. وكان ابنه يحيى قريباً، مما دعاه للقلق على سلامته خوفاً من أن يسحقه الجواد. وعندما استيقظ في الصباح، حدث النبي -عليه الصلاة والسلام- بما جرى، فقال له النبي: “تلكَ الملائكةُ دَنَتْ لصوتِكَ، ولو قرأتَ لأصبحتْ ينظرُ الناسُ إليها لا تَتَوَارَى منهم”. تعكس هذه الواقعة إعجاب الملائكة بمدى جمال صوت أسيد وخشوعه أثناء تلاوة القرآن الكريم، مما دفعهن للاستماع عن كثب لتلاوته في تلك الليلة.