تتجلى قيمة التعاون في الإسلام من خلال العديد من الآيات القرآنية التي تبرز أهمية العمل الجماعي. فقد أنزل الله تعالى الإنسان إلى الأرض ووجهه لإعمارها كخليفة. وهذا الإعمار يتطلب تضافر الجهود ويقتضي التعاون بين الأفراد لتحقيق الخير والبناء.
إن التعاون هو الأساس الذي يمكن أن يبني عليه الفرد والمجتمع، حيث نجد في القرآن الكريم إشارات متعددة تدعو إلى هذا المبدأ السامي. في هذا المقال، سنتناول بعض الآيات القرآنية التي تتحدث عن التعاون.
ما هو تعريف التعاون
التعاون بين الأفراد يتضمن عدة جوانب منها:
-
التعاون هو الدافع للمساعدات المتبادلة، حيث يكمل كل شخص الآخر ويدعمه في مختلف المجالات.
- فالتعاون يتطلب من الإنسان أن يكون دعماً لأخيه في كل المواقف.
- كما يجب أن يكون مستعدًا لإنجاز مهام بدلاً من الآخرين عند الحاجة.
- التعاون يعد من أسمى الصفات التي أمر الله تعالى بتحليتها.
- فقد يواجه الإنسان تحديات وضغوط تمنعه من أداء واجباته، ويتوجب على المجتمع مساعدته وتخفيف الأعباء عنه.
- وبذلك نكون قد ساعدناه في إنجاز المهام المطلوبة منه بشكل أفضل.
- يعتبر التعاون قيمة أساسية يجب أن تسود بين الأفراد لبناء مجتمع سليم.
- فالطبيعة الإنسانية تتطلب تكاتف الجهود لتطوير المجتمعات.
- وبالتالي، تنتشر الأعباء بين الجميع بدلاً من قصرها على عدد محدود من الأفراد.
- لذا، فإن مسؤولية إعمار الأرض تقع على عاتق الجميع، مما يتوجب على الأطفال تعلمه منذ صغرهم.
أهمية التعاون في المجتمع
يشكل التعاون بين الأفراد أساساً مهماً لبناء مجتمع متماسك، ويتميز بالعديد من الفوائد الإيجابية، منها:
-
يعزز التعاون إنجاز الأعمال بكفاءة وسرعة.
- حيث يمكن للتعاون أن يوصل إلى تحقيق الأهداف بشكل أسرع، مما يوفر الوقت والجهد للجميع.
- وبذلك، يحقق المجتمع تقدماً ملموساً في فترة زمنية قصيرة.
- فضلًا عن أنه يعزز تبادل الأفكار والخبرات بين أفراده.
- مما يعد محفزاً لابتكار النظريات العلمية وتطبيقها بسرعة أكبر.
- يساهم التعاون في تعزيز روح المجتمع المحبة والمودة.
- ويعمل على تقوية الروابط بين الأفراد.
- فكلما سادت روح الإخاء، كان المجتمع أوثق وأقدر على مواجهة التحديات الخارجية.
- وهذا هو ما دعت إليه العديد من الآيات القرآنية.
- يسهم إشاعة التعاون في خلق بيئة إيجابية تسهم في التغلب على الأنانية.
- وتعزز من مشاعر التكافل والتضامن.
- بحيث يشعر كل شخص بمسؤوليته تجاه الآخر، مما يقلل من التفاوت بين الأفراد.
-
يمثل التعاون أحد العوامل الأساسية في بناء الأمم وتطورها في مجالات الحياة المختلفة.
- إن التعاون يجعل جميع شرائح المجتمع تتشارك في المسؤوليات.
- ويعزز مفاهيم العدالة والمساواة، الأمر الذي يقلل من الفروقات الطبقية.
التعاون في الإسلام
عند مناقشة الآيات القرآنية حول التعاون، نجد التساؤلات التالية تأخذ الواجهة:
-
يعتبر التعاون من الواجبات الإسلامية التي تكرسها تعاليم الدين.
- لقد دعا الدين الإسلامي إلى التعاون بين الأفراد من أجل تعزيز التألف والمحبة بين المسلمين.
- فقد أمرنا الله بالتضامن لتكوين مجتمع قوي ومتماسك.
- لأن التفرقة والتنازع تعتبر من أسباب انهيار المجتمعات.
-
خصص الإسلام مسارات متعددة للحصول على الثواب من خلال التعاون.
- فمساعدة الآخرين وتلبية احتياجاتهم تعود بالنفع العظيم على الشخص، وتعتبر من الأعمال التي تنال الأجر الكبير.
-
يرسخ التعاون معاني الرحمة في المجتمع المسلم، حيث يتيح دعم الفقراء وعدم تركهم لمواجهة التحديات بمفردهم.
- كما يهيئ للشخص المسن شعور بالأمان بوجود مجتمع متكافل بدلاً من العزلة.
-
يوفر التعاون المال والجهد لكل أفراد المجتمع.
- إنه يعزز من فعالية التطور والنمو في المجتمع المسلم.
-
تشير العديد من الآيات القرآنية إلى أهمية التعاون بين الناس.
- وتطبيق أوامر الله يعزز من القرب منه ويضمن الحصول على الثواب الجزيل.
آية قرآنية عن التعاون
هناك العديد من الآيات في القرآن الكريم التي تدعو المسلمين إلى التعاون فيما بينهم، ومن بينها:
- قول الله تعالى في سورة الحجرات:
“وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ” [الحجرات: 9، 10].
- وقوله تبارك وتعالى في سورة القصص:
“وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ * قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ” [القصص: 34، 35].
- وكذلك قوله عز وجل في سورة الفتح:
“مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا” [الفتح: 29].
- ومنها ما ورد في سورة طه:
“وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي” [طه: 29 – 32].
- وقوله عزّ وجل في سورة الكهف:
“قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا” [الكهف: 95].
- وقول الله تعالى في سورة المائدة:
“وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” [المائدة: 2].
بعض أنواع التعاون
تشدد العديد من الآيات القرآنية على أهمية التعاون في مجالات عدة، ومنها:
- تعاون الأفراد على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصرة المظلوم.
- التعاون في تعليم المسلمين القادرين على دفع نفقات التعليم.
- مساعدة الآخرين الذين يحتاجون لمساعدة في إنهاء أعمالهم.
- تقديم الدعم للشباب الذين لا يستطيعون تحمل نفقات الزواج.
- تسهيل جمع الزكاة من الأغنياء وتوزيعها على المستحقين.
- المساعدة في حل الخلافات بين الأفراد والتركيز على إصلاح ذات البين، خصوصًا إذا كان الخلاف بين ذوي الأرحام.