الصلاة
تُعرّف الصلاة في اللغة بأنها الدعاء، أما في الاصطلاح، فهي عبادة مخصصة لله سبحانه وتعالى تتألف من أفعال وأقوال مضبوطة، تُفتتح بالتكبير وتُختتم بالتسليم. ومن المهم التأكيد على أن فرضية الصلاة هي من المسائل الواضحة في الدين، حيث يؤكد القرآن الكريم، والسنة النبوية، وإجماع الأمة على وجوبها، كما قال الله تعالى: (قُل لِعِبادِيَ الَّذينَ آمَنوا يُقيمُوا الصَّلاةَ).
أحكام وشروط الصلاة
تعتبر شروط الصلاة وأركانها وواجباتها من الجوانب الأساسية التي تحدد صحة الصلاة، إذ أن صحة العبادة تعتمد بشكل مباشر على توافر هذه الأركان والشروط.
شروط الصلاة
يُعرف الشرط بأنه الأمر الذي لا يتوقف وجوده على وجود شيء آخر، ولكنه يُلزم عند عدمه. أما شروط صحة الصلاة فهي الأمور التي يتوقف عليها صحة الصلاة، وفي حال نقصان أحد هذه الشروط، تُبطل الصلاة. وفيما يلي سرد لهذه الشروط:
- دخول الوقت: يعتبر دخول الوقت من أهم الشروط لصحة الصلاة، إذ إن الصلاة عبادة محددة بأوقات معينة، ولا تصح خارج أوقات ذلك. كما ورد في كلام الله تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا). وقد تم ذكر أوقات الصلاة في القرآن الكريم، حيث قال الله: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلوكِ الشَّمسِ إِلى غَسَقِ اللَّيلِ وَقُرآنَ الفَجرِ إِنَّ قُرآنَ الفَجرِ كانَ مَشهودًا). وتكون أوقات الصلوات هي: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، كما تم توضيح أوقات كل صلاة في العديد من الأحاديث النبوية.
- ستر العورة: أجمع العلماء على بطلان الصلاة إذا كُشف العورة، وقد ذكر ابن عبد البر اتفاق العلماء على فساد صلاة من صلى عارياً وهو قادر على الستر، واستدلوا على ذلك بقول الله: (يا بَني آدَمَ خُذوا زينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ). كما تُقسم العورة في الصلاة إلى أقسام متعددة، فالعورة المغلظة تشمل جميع البدن ما عدا الوجه والكفين، وهي عورة المرأة البالغة، في حين أن العورة المتوسطة تشمل ما بين السرة والركبة، وهي عورة من بلغوا عشر سنوات فما فوق، بينما العورة المخففة تختص فقط بالقبل والدبر.
- الطهارة: تُقسم الطهارة إلى نوعين؛ طهارة من الحدث وطهارة من النجس. ويجب أن يكون هناك طهارة من النجس في ثلاثة مواضع: البدن، والثوب، ومكان الصلاة، إذ تبطل الصلاة في حالة وجود النجاسة في أي من هذه المواضع. أما عن الطهارة من الحدث، فهي تنقسم إلى الطهارة من الحدث الأكبر والصغير، وقد اتفق العلماء على بطلان صلاة المحدث، مستدلين بما قاله النبي: (لا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةَ أحَدِكُمْ إذا أحْدَثَ حتَّى يَتَوَضَّأَ).
- استقبال القبلة: اتفق العلماء على عدم صحة الصلاة عند عدم التوجه نحو القبلة مع القدرة على ذلك، مستدلين بقوله تعالى: (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ).
- النية: تُعتبر النية شرطا أساسيا لصحة الصلاة، إذ أن الصلاة التي تتم بدون نية تُعتبر باطلة، كما روى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن النبي قال: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى).
أركان الصلاة
تُعتبر أركان الصلاة من المرتكزات الأساسية في العبادة، حيث أن ترك أي ركن سواء عمداً أو سهواً يؤدي إلى بطلان الصلاة. وفيما يلي توضيح لأركان الصلاة:
- القيام: يُشترط القيام في صلاة الفريضة عند القدرة، وفقاً لما قاله النبي: (صَلِّ قَائِمًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ). أما صلاة النافلة، فيمكن أداؤها سواء قياماً أو قعوداً.
- تكبيرة الإحرام: يجب بدء الصلاة بالتكبير، كما رواه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن النبي: (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم).
- قراءة الفاتحة: يكون قراءة الفاتحة واجباً في كل ركعة بالنسبة للإمام، والمأموم، والمنفرد. ولا تصح الصلاة في حال عدم قراءتها، كما روي عن النبي: (لَا صَلَاةَ لِمَن لَمْ يَقْرَأْ بفَاتِحَةِ الكِتَابِ).
- الركوع: يُشترط الركوع في كل ركعة، وقد ثبت ذلك في الكتاب و السنة.
- الرفع من الركوع: يجب الاعتدال بعد الانتهاء من الركوع والوقوف كما كانت حالته قبله، والدليل هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
- السجود: لا تصح الصلاة بدون السجود في كل ركعة مرتين، كما قال الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا). ويتم السجود بوضع سبعة أعضاء على الأرض: الجبهة، واليدان، والركبتان، والأنف، وأطراف القدمين.
- الرفع من السجود: يجب الجلوس بين السجدتين، كما ورد عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- حيث قالت: (وإذا رفَع رأسَه مِن السُّجودِ لَمْ يسجُدْ حتَّى يستويَ جالسًا).
- التشهّد الأخير والجلوس له، والصلاة على النبي: مثل قول: “اللهم صل على محمد…” وزيادة على ذلك يُعتبر من السنة.
- الطمأنينة: يجب السكون في جميع الأفعال المذكورة وإن كانت قليلة، وفي حال عدم الاطمئنان في الصلاة بنقص ثقتك بها تبطل.
- الترتيب: يجب أن يكون هناك ترتيب في الأركان المذكورة بطريقة واضحة، ويدل على ذلك ما ورد من أفعال النبي صلى الله عليه وسلم.
- التسليم: التسليم هو ما يدل على انتهاء الصلاة والتحلل منها.
واجبات الصلاة
تختلف واجبات الصلاة عن الأركان بأنها في حال نُسيت الواجب لا تبطل الصلاة، بل يمكن تلافي ذلك بسجود السهو. وتأتي واجبات الصلاة كالتالي:
- التكبيرات: يجب التكبير عند الانتقال بين الأركان.
- التسميع: يُفترض على الإمام والمنفرد أن يقولا: “سمع الله لمن حمده” عند الرفع من الركوع، بينما المأموم غير ملزم بها.
- التحميد: يُعتبر قول: “ربنا ولك الحمد” واجباً على الإمام، والمأموم، والمنفرد بعد الرفع من الركوع.
- التسبيح في الركوع: يجب قول: “سبحان ربي العظيم” أثناء الركوع.
- التسبيح في السجود: وجوب قول: “سبحان ربي الأعلى” أثناء السجود.
- الاستغفار بين السجدتين: يجب قول: “رب اغفر لي” أثناء الجلوس بين السجدتين.
- التشهّد الأول والجلوس له.
أهمية الصلاة
تتجلى أهمية الصلاة بوضوح، فهي ثاني أركان الإسلام بعد الشهادتين، كما نقل عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لمعاذ بن جبل عندما أرسله إلى اليمن: (إنَّكَ تَقْدَمُ علَى قَوْمٍ مِن أهْلِ الكِتَابِ، فَلْيَكُنْ أوَّلَ ما تَدْعُوهُمْ إلى أنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى، فَإِذَا عَرَفُوا ذلكَ، فأخْبِرْهُمْ أنَّ اللَّهَ قدْ فَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَوَاتٍ في يَومِهِمْ ولَيْلَتِهِمْ). وتجدر الإشارة إلى أن آخر وصية للنبي -عليه الصلاة والسلام- قبل وفاته كانت الالتزام بالصلاة، حيث روي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه قال: (كان آخِرُ كلامِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه و سلَّمَ: الصلاةَ الصلاةَ، اتَّقُوا اللهَ فِيما مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ).