يا خاطبَ القهوة الصّهباءِ
يا خاطبَ القهوة الصّهباءِ، كم هو مَهْرُها
إذا أُخذَ منها بالرّطلِ مِلأُه ذهباً.
قصّرْتَ بالمشروب، فاحْذَرْ أن تُسمِّعها
فيحلِفَ الكرْمُ أن لا يحملَ العنبَ.
إني بذلتُ لها لمّا بصُرْتُ بها
صاعاً من الدُّرّ والياقوتِ ما ثُقِبَا.
فاسْتوحشَتْ، وبكتْ في الدّنّ قائلةً:
يا أُمُّ، أَيْحكِ أخشى النّار واللهبَ.
فقلتُ: لا تَحْذَريه عندنا أبداً،
قالتْ: ولا الشمسَ؟ قلتُ: الحرّ قد ذهبا.
قالتْ: فمن خاطبي هذا؟ فقلتُ: أنا.
قالت: فبَعْليَ؟ قلتُ: الماءُ إن عَذُبا.
قالت: لقاحي، فقلتُ: الثلجُ أبردهُ.
قالت: فبَيْتي فما أستحسنُ الخشبا.
قلتُ: القنانيُّ والأقداحُ وَلّدَها
فرعونُ، قالتْ: لقد هيّجت لي طَرَبا.
لا تمكننّي من العربيدِ يشربني،
ولا اللئيم الذي إن شمّني قَطَبا.
ولا المجوس، فإنّ النّارَ ربّهُمُ
ولا اليهودِ ولا من يعبُدُ الصُّلُبا.
ولا السفَالِ الذي لا يستفيقُ ولا
غِرِّ الشّبابِ ولا من يجهلُ الأدبَ.
ولا الأراذلِ إلاّ مَنْ يوقْرني
من السُّقاة لكن أسقني العربا.
يا قَهْوَة ً حُرّمتْ إلاّ على رجلٍ
أثْرَى فأتلفَ فيها المالَ والنَّشبَ.
سيروا إلى أبعد مُنتابِ
سيروا إلى أبعد مُنتابِ،
قد ظهر الدجّالُ بالزّابِ.
هذا ابن نَيْبَختٍ له إمْرَةٌ
صاحبُ كتّابٍ وحجّابِ.
عاج الشقيّ على دارٍ يُسائلها
عاجَ الشقِيّ على دارٍ يُسائِلُها
وعُجتُ أسألُ عن خَمّارَة البلدِ.
لا يُرْقىء ُ الله عينيْ من بكى حجَراً
ولا شفَى وَجْدَ من يصْبو إلى وَتَدِ.
قالوا: ذكَرْتَ ديارَ الحيّ من أسَدٍ،
لا دَرّ درّكَ، قلْ لي من بَنو أسَدِ.
ومن تميمٌ ومن قيسٌ وإخوتهُمْ
ليس الأعاريبُ عندَ اللهِ من أحدِ.
دعْ ذا عَدمتُكَ واشرَبْها مثعَتَّقَةً
صَفْرَاءَ تُعْنِقُ بينَ الماءِ والزّبَدِ.
من كَفِّ مُختصَرِ النّارِ مُعتدلٍ
كغُصْنِ بانٍ تثنّى غيرِ ذي أوَدِ.
لَمّا رآني أبوهُ قد قعَدْتُ لَهُ
حيّا، وأيْقَنَ أني مُتلِفٌ صَفَدي.
فَجاءني بسُلافٍ لا يَحِفّ لَها
ولا يُمَلّكُها إلاّ يداً بيدِ.
اسمَحْ وجُدْ بالذي تحْوي يَداكَ لها،
لا تَذْخَرِ اليومَ شيْئاً خوْفَ فقْرِ غدِ.
كم بَيْنَ من يشْتَري خمراً يلَذّ بها
وبين باك على نؤيٍ ومُنْتَضَدِ.
يا عاذلي قد أتَتْني منْك بادِرَةٌ،
فإنْ تَغَمَّدَهَا عَفْوي فلا تعُدِ.
لوْ كان لوْمُكَ نُصْحاً كنتُ أقبلُه،
لكنّ لَوْمَكَ محمولٌ على الحَسَدِ.
فاتنِ الألحاظ والخـدِّ
فَاتِـنِ الألْحاظِ والخَدِّ،
معتدلِ القامة والقَدِّ.
قال وعيـني منه في خـدّه،
راتِعَةٌ في جَنّة الخُلْدِ.
طرْفُكَ زانٍ قلتُ: دَمعي إذن،
يـجْـلِـدُهُ أكــثَـرَ من حَــدّ.
يا دارُ ما فعلت بك الأيّام
يا دارُ! ما فعَلَتْ بكِ الأيّامُ؟
ضَـامَتْكِ والأيامُ ليسَ تُضامُ.
عَرَمَ الزّمانُ على الّذينَ عهدتهمْ
بكِ قاطِنين وللزّمان عُرامُ.
أيّـامَ لا أغْـشى لأهْلِكِ مَنْـزِلاً
إلاّ مُرَاقَـبَـةً عليّ ظَـلامُ.
لقـد نَـهَـزْتُ مع الغُـوَاتِ بِدَلْوِهِـمْ
وأَسَـمْـتُ صَـرْحَ اللّـهْـوِ حيثُ أساموا.
وبلَغتُ ما بَلَغَ امرؤٌ بشَبابِهِ،
فإذا عُـصـارَةُ كلّ ذاكَ آثـامُ.
وتجَشّمَتْ بي هوْلَ كلّ تنوفة،
هَوْجاءُ فيها جرأة إقْدامُ.
تَذَرٌّ المَطَيَّ وراءَها فكأنّها
صَـفٌّ تَـقَـدّمَهُنّ وهي إمامُ.
وإذا المَطيّ ينا بَـلَـغْنا محمّـداً،
فَـظُـهورُهُـنّ على الرّجالِ حَـرامُ.
قرّبننا من خيرِ مَن وَطىءَ الحصَى،
فلها علينـا حُـرْمَـةٌ وذِمـامُ.
رُفِعَ الحِجابُ لنا، فلاح لناظِرٍ
قَمَرٌ تَقَطَّعُ دونَهُ الأوهامُ.
مَلِكٌ إذا عَلِقَتْ يداكَ بحَبْلِهِ،
لا تَعْتَـريكَ البؤْسُ والإعْـدامُ.
مَـلِـكٌ تَوَحّـدَ بالمَكارِمِ والعُلى،
فَـرْدٌ فَـقَـيـد النّـدّ فيـهِ هُـمــامُ.
مَـلكٌ أغَـرُّ إذا شَـرِبْتَ بِوَجْهِهِ،
لمْ يَعْدُكَ التّبْـجيـلُ والإعْـظامُ.
فالبَهْوُ مُشتَمِلٌ ببَدْرِ خلافَة،
لبِسَ الشّبابَ بنورِهِ الإسْلامُ.
سَـبْـطُ البَـنَـان إذا احْـتَبى بِنِجـادِهِ،
فَـرَعَ الجَماجِـمَ والسّـماطُ قِيـامُ.
إنّ الذي يَرْضَى الإلَهُ بِهَدْيِهِ،
مَلِكٌ تَـرَدّى المُلْكَ وهو غُـلامُ.
مَلِـكٌ إذا اعْـتَـصَـرَ الأمـورَ مَضى بهِ،
رَأيٌ يَـفُـلُّ السّيفَ وهو حُسامُ.
داوى يه اللهُ القـلوبَ من العَمَى
حتى أفَقْنَ وما بهنّ سَقامُ.
أصبَحتَ يا بنَ زَبيدَة ابنة جعفرٍ،
أمَـلا لِعَـقْـدِ حِبالِهِ اسْـتِحْكامُ.
فسَلِمتَ للأمْرِ الذي تُرْجَى لهُ،
وتَـقاعَـسَـتْ عن يوْمكَ الأيـامُ.