قصيدة الشهداء للشاعر عادل البعيني
يا فارسًا يتربع على عرش العُلا،
كم تهاوت الجبال أمام عزيمتك،
أذللتَ حب الحياة بقدرتك،
وهبتَ الوطن طوعًا، بعيدًا عن ديارك.
تجددت جراحك ظمأً للمجد، فسقيتها،
نبلاً ومجدًا يُروي بالشهادة.
سعيت نحو المجد وطرقت أبوابه،
فباب الشهادة هو أفضل الأبواب.
والكرامة، النبل، والفداء،
إكليل غار يُوضع فوق هامك.
مَن يشبه الشهيد وأخلاقه الراقية،
أي نداءٍ يُسمع لأعالي المجد، فلتسمعوا.
لماذا يا وطن العرب صامت،
واتصالات شعبك تُقطع دون رحمة؟
أسرج خيولك فقد حان وقت العمل،
كن كالشهداء الذين عانوا في المضاجع.
أرضنا منذ البداية كانت تُبرز الشهداء،
وستظل دائمًا مهوى الشهادة.
هادي ووجدي مثل مشعلٍ مُشرِق،
وزهر النجوم ينثر عطوره.
حيوا الشهداء وبللوا جفونهم،
واتركوا الورود تستريح على جراحهم.
لا تدفنوه، دعوه في علاءه،
علمٌ بنور إصراره نتطلع به.
نعم، الشهداء وقد شهدنا عرسهم،
لا للبكاء، وبئس العين التي تدمع.
فاهتف، أيتها الأم الشهيدة، وزغردي،
فاليوم، هي أعراس الدار تجمعنا.
لا تقلقوه بماء عيونكم، فقد،
ساء الشهداء أن يُزفوا في حزن.
يا فارسًا بذلت حياتك بثمنٍ غالٍ،
بوركتَ شبلًا تنزع في المجد.
دمك هو المنارة، تهتدي بها،
سفن الفداء تهدر على الشواطئ.
توسد الجوزاء في عزٍ وكن،
كالشمس، شامخة تشرق وتسطع.
قصيدة شهداء الحرية لبدر شاكر السياب
شهيد العُلا لا يسمع لوم نادبيه،
ولا يراهم من يبكيه.
قد طواه الردى، فالكون للمجد مأتم،
مشارقه تعاني الظلام ومغاربه.
فتى قاد أفراد الجهاد نحو العلا،
وحطم بأس العدوان أمام كتائبه.
فتى همه أن يحقق العزّ في موطنه،
فصار كل باغٍ غير آبه مواجهًا له.
فتى يعرف الأعداء، فتك سيفه،
فتح الله عليه في النزال.
فتى لم يذنب سوى أنه انتضى،
حسامًا في وجه الظلم القاسي.
وإذا تم ذكره بين صفوف الحرب،
مشى الموت إلى الأعداء قاسٍ على أرواحهم.
لقد باع للعرب النفوس ثلاثة،
فقروا، ودمعي لا يقر غواربه.
فآةٌ لمن ودع الأصدقاء وانطلق،
على يونس، فلنطلق الدمع حراً.
وآهٌ على نسرٍ أُهضِم جناحه،
كم ملأت عصابه أفق العراق بأحلامه.
لئن غيبوا جثمان محمود تحت التراب،
ولكنهم لن يغيبوا المجد الذي حققه.
ولهفي على فهمي وما كان خطبه،
يهون، وإن هانت لديه مشاربه.
شهيد رأى الطغيان يغزو بلاده،
فهب لقيادة العزم حوله جنودًا.
أيشنق من يحمي الديار بسيفه،
وتكون له النصر في إدراك المعالي.
رجالٌ أباهم عاهدوا الله أنهم،
مضحون حتى يعود الحق لصاحبه.
أراق عبيد الإنكليز دماءهم،
فيا ويلهم ممن تخاف جوالبه.
أراق عبيد الإنكليز دماءهم،
ولكن من أجل الثأر، هو الذي تطالبه.
أراق ربيب الأنجليز دماءهم،
لكن قبل برلين، عليهم مراقبته.
رشيد، يا نعم الزعيم لأمة،
يعيث فيها عبد الإله وصاحبه.
أنت الزعيم الحق، نبهت النائمين،
تسقط قبلك الأيام وتتابع نوائبها.
قصيدة اليوم يوم مصارع الشهداء لجبران خليل جبران
اليوم هو يوم مصارعة الشهداء،
هل في جوانبه رشاش دماء؟
لله غيابٌ لكنه حاضرٌ في العقول،
ماتوا فباتوا يخلدون بين الأحياء.
أبطال ضحوا بالخلاص من الأذى،
في سبيل الله وابتعدوا عن الإيذاء.
هل سعوا لشهرة بوجودهم،
لكنهم قضوا في ذلة وبعداء.
بقوا على إيمانهم ويد الردى،
تسقط على تلك الرؤوس الشماء.
سلمت مشيئتهم وما في قلوبهم،
متقطعة بين الأجزاء والأعضاء.
صبروا على جبروت من يستبد،
ساءت العقول والأديان كل مساء.
ما كان دقلتيان سوى طاغٍ،
ملك الرقاب بغطرسة وجفاء.
لانت الصم الصلاد أمامه،
لكن القلب عند الصفوة نفوسهم لم تلن.
حاشا الحقيقة، كم مثال يختفي،
إلا الباقيات، عيون الرائي.
ظلت حناياه، وإن حطمت على،
ما كان فيه من تقوى ورجاء.
إن العقيدة لنعمة سابغة،
تتجاوز النقمات والأزمات.
تجني فخرًا من إهانات الأعداء،
وتحقق عزًا من الإزراء.
بكر بأوج الحسن، غالٍ مهرها،
لا تُشترى بأرخص الأشياء.
تزري النفائس دونها ولربما،
بذل النفوس حماتها بسخاء.
اليوم هو بداية عام النماء،
إقبالٌ متجددٌ في الدرر.
ما انفك في أقسامه وفصوله،
شرعًا، وفي الأوضاع والأسماء.
لقد أحكمت كل أجزائه،
فبدأ تجديد الكل بالأجزاء.
عجب لقوم لا تني آثارهم،
هي أعظم الآثار في الغبراء.
قصت حواشيهم وقلص ظلهم،
إلا كفاح بقاء حياة.
وعفت معهم بطشهم واقتربت،
وهوت صروح العزة الصامدة.
إلا نظامًا صلوه لعامهم،
فلقد أقامهم كأصله المتفاني.
كم دولة دالت بمصر،
وحكمه يتوارث عن الآباء الأقدمين.
وإذا بنى الأقوام فكرًا صالحًا،
فالفكر يبقى بعد كل بناء.
أهكذا هو المقام ومبدعه،
هذا النظام لحكمة غراء.
إن أرجو فالإقبال، ما أرجو لكم،
وإذا دعوت، فبالرقي دعائي.
قصيدة شهيد الأغنية لمحمود درويش
نُصِب الصليب على الجدار.
فكوا السلاسل عن يدي.
والسوط مروحة ودقات النعال،
لحنٌ يصفر: سيدي
ويقول للموتى: حذار.
يا أنت.
قال نباح الوحش:
أعطيك دربك لو سجدت،
أمام عرشي سجدتين،
ولثمت يدي في حياء مرتين.
أو…
تعتلي خشب الصليب.
شهيد أغنية… وشمس،
ما كنتُ أول حامل لإكليل الشوك،
لأقول للسمراء: ابكِ.
يا من أحبك مثل إيماني،
ولاسمك في فمي المغموس
بالعطش المعفّر بالغبار.
طعم النبيذ إذا تعتق في الجرار.
ما كنتُ أول حامل لإكليل الشوك،
لأقول: ابكِ!
فعسى صليبي صهوة،
والشوك فوق جبيني المنقوش
بالدم والندى،
إكليل غار.
وعسى آخر من يقول:
أنا تشهيت الردى.
قصيدة يا شهيـداً أنـت حـيٌّ لجمال مرسي
يا شهيـداً، أنـت حـيٌّ.
ما مضى دهرٌ وكان،
ذِكْرُكَ الفـواحُ يبقـى،
ما حيينـا فـي دِمانـا.
أنـت بـدرٌ سـاطـعٌ،
ما غابَ يومًا عن سمانا.
قد بذلتَ النفسَ، تشري،
بالـذي بِعـتَ الجنانـا.