أسباب الانطوائية في الشخصية
الشخص الانطوائي هو ذلك الفرد الذي يميل إلى تركيز اهتمامه على أفكاره ومشاعره الداخلية وحالاته المزاجية، بدلاً من الانغماس في المثيرات الخارجية. يمكن اعتبار مفهوم الانطوائية بأنه النقيض للانبساطية، حيث يمتلك كل شخص درجة معينة من هاتين الصفتين. يتميز الشخص الانطوائي بالهدوء والتحفظ، ويحتاج إلى فترات من العزلة لاستعادة طاقته بعد التفاعلات الاجتماعية، على عكس الأشخاص المنفتحين الذين يستمدون طاقتهم من تلك التفاعلات.
أسباب وراثية
بعد حضور أحداث اجتماعية أو قضاء الوقت مع الأصدقاء، يشعر الشخص الانطوائي بحاجة قوية للعودة إلى العزلة لفترة طويلة. أحد الأسباب الرئيسية لهذا النمط السلوكي يعود إلى العوامل الوراثية، فأدمغة هؤلاء الأفراد تميل إلى الهدوء وتفضل الأنشطة والأماكن التي لا تتطلب تحفيزًا مفرطًا أو إثارة مفرطة.
غالبًا ما يُخطئ الكثيرون في فهم الانطوائية على أنها مشابهة للخجل. فعلى الرغم من أن الشخص الخجول يميل أيضًا إلى تجنب الأضواء ويفتقر إلى الثقة في التفاعلات الاجتماعية، إلا أن الانطوائي يشعر بالإرهاق بعد التفاعل الاجتماعي ويحتاج إلى مكان هادئ للراحة.
أسباب بيولوجية
أجرت الدراسات العديد من الأبحاث لفهم الأسباب الكامنة وراء الانطوائية، ووجدت أن هناك استعدادًا فطريًا لدى الأفراد ليكونوا انطوائيين أو منفتحين على العالم. يحتوي الدماغ على منطقتين رئيسيتين مرتبطتين بالتفاعل الاجتماعي: اللوزة المخية والنواة المتكئة. حيث تتفاعل اللوزة المخية مع الانفعالات العاطفية، بينما تعمل النواة المتكئة على معالجة الدوبامين، وهو المادة الكيميائية المسؤولة عن التجارب الإيجابية.
تتعامل أدمغة الأشخاص المنفتحين مع السلوكيات الاجتماعية والتجارب الجديدة بفاعلية أكبر مقارنة بالانطوائيين. وتمتاز تدفقات الدم في أدمغة الانطوائيين بالتركيز نحو الفصوص الأمامية، المسؤولة عن التخطيط للمستقبل وتذكر الماضي، مما يفسر قدرتهم على العثور على أنشطة هادئة تفيدهم.
خصائص الشخصية الانطوائية
تتنوع الخصائص التي يتمتع بها الأشخاص الانطوائيون، حيث يمتلك كل منهم مجموعة من السمات التي تميزه. وقد يمتلك شخص واحد العديد من خصائص الانطوائية، بينما يتميز آخر بسمة واحدة فقط. وفيما يلي أهم هذه الخصائص:
الحاجة لقضاء الوقت بمفرده
يحتاج الشخص الانطوائي إلى فترات من العزلة لاستعادة عافيته ورفاهيته العقلية. فهو يفضل قضاء الأمسية في منزل هادئ بدلاً من الانشغال بالتجمعات الاجتماعية، إذ يعتبر أن الوقت الذي يقضيه بمفرده يمنحه السلام الداخلي، بينما الخروج مع الأصدقاء قد يزيد من شعوره بالإجهاد والتوتر.
الشعور السريع بالإرهاق من التفاعلات الاجتماعية
يمكن للشخص الانطوائي أن يشعر بفقدان الطاقة والعواطف بعد قضاء وقت مع الأهل أو الأصدقاء، مما يجعله بحاجة ملحة لفترة من العزلة لاستعادة طاقته من جديد.
الإنتاجية العالية عند الانفراد
يمتلك الشخص الانطوائي القدرة على إنجاز مهامه بشكل أفضل وأسرع عندما يكون بمفرده، حيث يتمكن من تركيز تفكيره وطاقته على المهمة دون الحاجة إلى النقاشات أو التفاعلات الاجتماعية. رغم أنه لا يواجه صعوبة في التعاون مع الآخرين، إلا أن تركيبه عقلي يجعله أكثر إنتاجية عندما يعمل بمفرده.