تتعدد أسباب النصر وتتنوع، ومن أبرزها الثقة بالله والإيمان به، وأداء الفروض والعبادات المفروضة. كما أن التخطيط الجيد والتعاون بين الأفراد وعدم التساهل تجاه ضعف الأعداء تلعب دورًا كبيرًا في تحقيق النصر.
إضافةً إلى ذلك، فإن التفكير الإيجابي والنظر إلى المستقبل بتفاؤل يعتبران من أبرز العوامل التي تسهم في نصر المسلم، بغض النظر عن نوعه أو هدفه.
أسباب النصر
توافق الفقهاء وعلماء الدين على مر العصور على أن هناك أسباب أساسية تمكن المسلم من تحقيق النصر في مختلف جوانب حياته. ومن بين هذه الأسباب:
الإيمان وقوة العقيدة
- الإيمان بالله عز وجل ووجود عقيدة دينية صحيحة، يعدان من أهم العوامل التي تساهم في تحقيق النصر.
- فكيف يمكن للمسلم أن يحظى بالنصر في معاركه الدينية والسياسية في غياب الإيمان بالله؟ حيث يقول الله تعالى: (وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ).
العبادة
- أداء الفروض والعبادات على النحو الصحيح يعزز التواصل بين الإنسان وربه.
- كما أن العبادة تمنح الفرد القوة الروحية التي تساعده على مواجهة التحديات والصعوبات اليومية.
القيادة الحكيمة وحسن التدبير
- الإعداد المبكر وحسن التخطيط هما من أهم الأسباب المذكورة في القرآن الكريم.
- حيث قال الله تعالى: (وَأَعِدّوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوَّةٍ وَمِن رِباطِ الخَيلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّـهِ وَعَدُوَّكُم وَآخَرينَ مِن دُونِهِم لا تَعلَمُونَهُمُ اللَّـهُ يَعلَمُهُم وَما تُنفِقوا مِن شَيءٍ في سَبيلِ اللَّـهِ يُوَفَّ إِلَيكُم وَأَنتُم لا تُظلَمُونَ).
الإعداد
- التفكير الإيجابي وطاعة القادة والأمراء من المبادئ الأساسية التي وردت في القرآن الكريم، حيث قال الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ).
الثبات
- الثبات في مواجهة المشاكل وعدم الهروب منها يعد من عوامل القوة.
قوة الإيمان
- قوة الإيمان وأهمية مواجهة الأعداء، حيث يقول الله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا لَقيتُمُ الَّذينَ كَفَروا زَحفًا فَلا تُوَلّوهُمُ الأَدبارَ* وَمَن يُوَلِّهِم يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلّا مُتَحَرِّفًا لِقِتالٍ أَو مُتَحَيِّزًا إِلى فِئَةٍ فَقَد باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّـهِ وَمَأواهُ جَهَنَّمُ وَبِئسَ المَصيرُ).
الثقة بالله
- الثقة بالله وحسن الظن به كما يتجلى في قوله: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ* وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
تقوى الله والابتعاد عن المعاصي
- ضرورة الابتعاد عن كل ما يتسبب في غضب الله واجتناب المعاصي؛ حتى يتمكن المسلم من تحقيق النصر المرجو، كما قال الله: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ* الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ).
التأييد الإلهي
- يجب على المسلم أن يتبع السبل المؤدية إلى النصر، مثل الصلاة وتلاوة القرآن والتخطيط، حتى يظهر التأييد الإلهي في حياته.
عوائق النصر
على الرغم من وجود أسباب تسهم في تحقيق النصر، إلا أن هناك عوائق يتعين على المسلم تجنبها. ومن أبرز هذه العوائق:
- الذنوب والمعاصي تعتبر من أبرز العوامل التي تعيق نصر المسلم، كما يُشير الله في كتابه: (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِم مِّدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ).
- الاعتماد على القوى المادية أو الجسدية والتجاهل بأن أسباب النصر الحقيقية تأتي من الله وحده.
- التهاون في مواجهة ضعف العدو والاستهانة بمكانته، وهو ما أشار إليه قوله تعالى: (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّـهِ وَاللَّـهُ مَعَ الصَّابِرِينَ).
- غياب التعاون والتكاتف بسبب التركيز على المصالح الشخصية فقط، كما جاء في قوله تعالى: (وَلا تَنازَعوا فَتَفشَلوا وَتَذهَبَ ريحُكُم).
- مخالفة الأوامر الشرعية والميل نحو متع الدنيا، كما يتضح في غزوة بدر: (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ).
- الاندماج في ملذات الدنيا، والنشوة بالمظاهر، كما ورد في الآية: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا).
- السماح للأشخاص غير المؤهلين بتولي المناصب والمقام الرفيع، مما يؤدي إلى تراجع الإنجازات.
السنن الإلهية للنصر
للنصر قوانين إلهية يجب على المسلم الإيمان بها لتحقيق أسباب النصر بشكل صحيح، ومن أبرز هذه السنن:
- الإيمان بأن النصر يأتي من الله وحده، دون سواه، كما جاء في الآية: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّـهِ وَالْفَتْحُ).
- الإيمان بأن النصر، بالرغم من تأخره، سيتحقق، فالله لا يخلف وعده، ولكن وفقًا لمشيئته ووقته، كما قال: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ).
- على المسلم أن يدرك أن ثمن النصر عالٍ، وأن لكل شيء ثمن، كما يُظهره قوله: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حتى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ متى نَصْرُ اللَّـهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّـهِ قَرِيبٌ).