قصيدة لأبي بكر: حديث لا يتجاوز البساطة
- كما ورد في إبداع الشاعر ابن الرومي:
لأبي بكر حديثٌ
احفظه بعيداً عن الغموض
قد وضعه الله كحدٍ
فوق ألفاظ الخلق في أسس الإبداع
بعضه من الشرك أستغفر للـ
ـه وقد أُعطيت الله وعداً
لا يُرى من وصفه اللين
إلا بالمشاهد الجديدة
ويزعج المكان الثابت
بالتكرار المتواصل.
وعندما يتواجه مع خصم
في يومٍ من الأيام، يستعدّ.
يعرّض للخصم جبيناً
كما جبين المحارب بصلابة.
وادعى التوافق فيما
كان التوافق ضداً.
وله أبيات من الشعر
تألفت بين الجمع والفرد.
مُقويات ومكافآت،
تنفع حتى للقرد عهداً.
جمع الغريب جميعاً
في قوافيهن عمد.
وأحرف الهجاء الرائعة
أحصاها بعدٍّ متفرد.
نسق الحروف صوتاً وصدى
كما ضمّت شعوب الناس وفوداً.
وترى المخفوض منها
يُبعد المرفوع بعزل.
ثم من حلف خلق الله
أن لا يتغذى.
وذكر الناس ما دار
يُخمد ويُفدى.
فإذا أعرضتَ عنه
جاء نحو الطعام محملاً.
كطفل السوء يلتقي
ممن تحمل من معاناة.
من أسرع الناس طراً
وأقل الناس حداً.
واصل من حاول صده
فإذا اقترب صدّ.
وإذا نطق رسول الله
مدّ الصوت إلى البعد.
بأسلوبٍ أوليٍّ من التكرار كعمى يتجلى.
قصيدة: أبتاه، هل ستعود؟
- يمجد الشاعر محمد أبو العلا:
عاد رفاقك يا أبي، متى تعود؟
لتجمع الحزن المتأصل في جبين الشمس …
في صوت البلابل
في ابتسامة البدر … في ألوان الورود…
وتطارد الأشباح بين ضلوعنا… في قلب دموعنا
بين الدم المتساقط في الوريد…
ومتى ستعلن أننا استفقنا…
وأن ليل قلوبنا لا يهزمه سوى الفجر الجديد…
أبتاه، إن الخوف قد أضعفنا .. وشدّنا إلى القيود…
واستعبد البكاء لضحكاتنا …
وطاردنا … أحاط بنا
في ثوب أمي، تنقش الأحزان قصتها وتضيق الخدود…
وبكاء أختي والأنين يذيبها…
ودموع جدي
وانين أخي الوليد…
حتى السماء تثاءبت … وتجهّمت…
ما عادت فيها أضواء تستنير…
ما عادت فيها أي طير يشتاق…
ما عادت سوى قهقهة الرعود…
أبتاه، هل حقاً ستعود؟
في كل يوم نستذكر الذكريات…
الصبح يلثم ضوءه وجه المنازل، يستنهض الأمنيات
والشمس تستبق الخطوات نحو الحقول النضرة…
والطائر المغرد ينقر شرفتي .. يشدو بأجمل الألحان…
فأسأل العصفور قائلاً .. يا أرق الكائنات…
ما هاج شوقك يا عصفور، قل لا فُضَّ فوك!
فيجيب مبتسماً “لعمري، أيقظ الدنيا أبوك!”
قد قام يستعد للخطوات نحو الأعمال الصالحات…
واليوم نجلس يا أبي لنسترجع الذكريات…
فالصبح أقبل يردد الوعود الكاذبات…
والشمس تثقلها الأنات…
وهاجها صدى الدروب الشائكة…
والطائر المغرد .. أضاع شرفتي …
ويمر بي دون التفات…
فأسأل العصفور “رفقاً يا أرق الكائنات…
ماذا أصابك أيها العصفور؟ قل لا فضَّ فوك!”
فيجيب في ألم “لعمري، أحزن الدنيا أبوك.”
فالقلب من فرط الفراق .. يبكي بكاء الثاكلات…
ونعود يعصرنا الحزن…
لنواجه الجرح العنيد…
ونراك في أحلامنا طيفاً يطل من بعيد…
أبتاه، هل حقاً ستعود؟
أبتاه، نرجو أن تعود.
أبتاه، ندعو أن تعود.
قصيدة: إلى حبيبتي
- يقول الشاعر حمد العصيمي:
أتدرين ما سر حبي لك حباً يفوق الخيال؟
يتجاوز أساطير قيس وليلى، ويقفز فوق حدود المستحيل
يجعلني لا أرى سواك، وجميع النساء مجرد احتمال
وأنك قد نلت جوهر الكمال، وشاطرت يوسف نصف الجمال
وأن شفاهك قطعة حلوى، وعيناك إذا أحلتهما إلى عالم آخر
فعيونك أكبر مما يمكن وصفه.
وأن حديثك يحمل نغمة النوارس
تسكن المساجد والكنائس
تحتوي نكهة قهوة أمي
ورائحة التين والبرتقال.
وأنك حرف صعب المنال على الأبجدية
فحاولت أن أطمس الحروف، وأبدل حرفاً بحرف
فلا السين تبقى سيناً، ولا الدال دالاً
ولا النون نوناً، ولا الكاف كافاً، ولا الذال ذالاً
ولا الفعل فعلاً، ولا الظرف ظرفاً.
فتشت بين السطور وتحت الأجوبة فوق الأسئلة
وقلبت كل القواميس
جادلت أرسطو وسقراط وابن النفيس…
وعادت حواراتي فارغة من النتائج.
أتدرين ما قصة الحكايات عندي؟
وأي تفسير لديك في قلبي؟
وأي جواب لهذا السُؤال؟
لأني ولدت وجدي يقول:
وراء العظيم امرأة.
فكل النساء وراء الرجال،
فنحن كينونة الوجود، وسر الحياة.
وهن التماثيل، وهن الظلال.
فكُنت أفكر: إذا صرت يوماً عظيماً
فمن يا ترى سيكون خلفي؟
أترى سعاد؟ أم ترى دلال؟
كبرت ولقد منحني الله سيفًا وسرجًا
وواجهت الحروب وأخضعت القتال.
وصلت إلى الصين شرقًا
وصلت إلى فاس غربًا
فتحت الجنوب، وصلت شواطئ بحر الشمال
فصرت عظيماً كما حلمت.
وحين التفت ورائي، لم يكن هناك
سعاد، ولا دلال!
وجدتك أنت أمامي، فأحببتك الحب هذا وكذبت
أن النساء وراء الرجال.
قصيدة: اذكريني
- يقول الشاعر محمد أبو العلا:
كلما مر زمن يطحن الأحلام فينا
أو تأست مقلتاي من عذابٍ يحثنا
كلما الصبح نادى زاعماً أننا نسينا
موعد العشق الجميل …
ملتقى شمس الأصيل …
بعثر الآهات فينا
عندها فلتذكريني.
كلما مر الخريف معلناً موت الأمل
وأتى البدر حزينا، باعثاً ضوء الخجل
كلما الكروان مر .. ثم برح صامتاً
فاذكري الحلم الجميل
في زمان المستحيل
واحذري أن تقتليّ
واذكريني.
كلما جبت طريقاً قد سلكناه سوياً
أو تذكرت عهودي والهوى ما زال حياً
لو تذكرت زماناً قد طوى الأحلام طياً
فاسكني لي من الماضي الجميل
لملمي الجرح العليل
واحرصي على أن تذكريني
واذكريني.
كلما هزمت عيوناك التي تحاربها الأوجاع
أو تبدى الحزن فيها حين يقهرها الضعف
عندها نهوي سوياً تحت أقدام الزمن
عائدين منّا .. إلينا
باكين منّا .. علينا
فاقبلي أن تحتويني واذكريني.