تتجلى العزائم وفقًا لعزيمة أهلها
- يقول الشاعر المتنبي:
وقفتَ وما في الموتِ شكٌّ لواقفٍ
كأنك في جفن الردى وهو نائمٌ
تمر بك الأبطالُ كلمى هزيمةً
ووجهكَ وضاحٌ وثغركَ باسمٌ
تجاوزتَ مقدارَ الشجاعةِ والنُهى
إلى قول قومٍ أنت بالغيب عالمٌ
ضممتَ جناحيهم على القلب ضمّةً
تموتُ الخوافي تحتها والقوادمُ
بضربٍ أتى الهاماتِ والنصر غائبٌ
وصار إلى اللباتِ والنصر قادمٌ
حقرتَ الردينيات حتى طرحتَها
حتى كأن السيفَ للرُمحِ شاتمٌ
ومن طلب الفتح الجليل فإنما
مفاتيحه البيضُ الخفافُ الصوارمُ
نثرتهم فوق الأُحَيدب كله
كما نثرتَ فوق العروسِ الدراهمُ
تدوس بك الخيلُ الوكُورَ على الذرى
وقد كثُرت حول الوكُور المطاعمُ
تظنُّ فراخُ الفتح أنَّك زرتها
بأُمّاتِها وهي العِتاقُ الصَلادِمُ
إذا زلفت مشّتَها ببطنها
كما تتمشى في الصعيد الأراقمُ
أفي كل يومٍ ذا الدمسُق مقدّمٌ
قَفاهُ على الإقدامِ للوجه لائمٌ
أَيُنكرُ ريحَ الليثِ حتى يذوقَهُ
وقد عرفت ريحَ اللُيوثِ البهائمُ
وقد فجعته بابنِه وابنِ صهره
وبالصهر حملاتُ الأميرِ الغواشِمُ
مضى يشكرُ الأصحابَ في فوتِهِ الظبى
بما شغلتها هامُهُم والمعاصِمُ
أقيدوا القوم فإن الظلم لا يرضاه ديّان
- يقول الفند الزماني:
فلما صرَّحَ الشرُّ
بدا والشرُّ عريانٌ
ولم يبقَ سوى العدوان
ندناهم كما دانوا
أناسٌ أصلُنا منهم
ودنا كالذي دانوا
وكنا معهم نرمي
فنحن اليوم أُحدانُ
وفي الطاعة للجا
هل عند الحرّ عصيانُ
فلما أُبيحَ الصلحُ
وفي ذلك خذلانُ
شددنا شدّةَ الليثِ
وغدا والليثُ غضبانُ
بضربٍ فيه تأثيمٌ
وتفجيعٌ وارنانُ
وقد أدهنت بعض القومِ
إذ في البغيِ أدهانُ
وقد حلَّ بكل الحيِّ
بعد البغي إمكانُ
وكأنّي إذ نزلتُ على المعلى
- يقول امرؤ القيس:
كأني إذ نزلتُ على المعلى
نزلتُ على البواذخِ من شَمامٍ
فما مُلكُ العراقِ على المعلى
بمقتدرٍ ولا مُلكُ الشامِ
أصَدَّ نِشاصِ ذي القَرنينِ حتى
تولى عارضُ الملكِ الهمامِ
أقرَّ حشا امرئ القيسِ بنِ حجرٍ
بنو تيمٍ مصابيحُ الظلامِ
ألا هبي بصحنك فاصبحينا
- يقول عمرو بن كلثوم:
أبا هندٍ فلا تعجل علينا
وأنظرنا نخبرك اليقينا
بأنّا نورِدُ الراياتِ بيضًا
ونُصدرهن حمرًا قد رَوينا
وأيامٍ لنا غرٍّ طوالٍ
عصينا الملكَ فيها أن نَدينا
وسيدَ معشرٍ قد توّجوه
بتاجِ الملكِ يحمي المُحجرينا
تركنا الخيلَ عاكفةً عليه
مقلّدةً أعنتها صفونا
وأنزلنا البيوتَ بذي طلوحٍ
إلى الشاماتِ تنفي الموعِدينا
وقد هَرَّت كِلابُ الحيِّ مِنّا
وشذّبنا قتادةَ من يلينا
متى ننقلُ إلى قومٍ رحان
يكونوا في اللقاءِ لها طحينًا
يكونُ ثفالُها شرقيَّ نجدٍ
ولهوتها قُضاعَةَ أجمَعِينَا
نزلتم منزلَ الأضيافِ مِنّا
فأعجلنا القرى أن تشتُمونا
قرّيناكم فأعجلنا قِراكُم
قبيلَ الصُبحِ مِرداةً طحونًا
نعمُ أناسَنا ونَعفُ عنهم
ونحمِلُ عنهمُ ما حملونا
نُطاعنُ ما تَراخى الناسُ عنّا
ونَضربُ بالسيوفِ إذا غُشينا
بِسُمُرٍ مِن قَنا الخطيِّ لُدنٍ
ذوابلَ أو ببيضٍ يختلينَ
كأنَّ جماجمَ الأبطالِ فيه
وُسوقٌ بالأماعِزِ يَرتَمينا
هل غادر الشعراء من متردم
- يقول عنترة بن شداد:
أثني عليَّ بما علمتِ فإنني
سمحٌ مُخالَقتي إذا لم أُظلَمِ
وإذا ظُلِمتُ فإن ظلمي باسلٌ
مُرٌّ مذاقَتَهُ كطعمِ العلقمِ
ولقد شَرِبتُ من المدامةِ بعدَم
ركَدَ الهَواجِرِ بالمشوفِ المُعلَمِ
بزجاجةٍ صفراءَ ذاتِ أَسِرَّةٍ
قُرنت بأزهَرَ في الشمالِ مُفَدَّمِ
فإذا شَرِبتُ فإنني مُستهلِكٌ
مالي وعرضي وافِرٌ لم يُكلَمِ
وإذا صحَوتُ فما أُقصِرُ عن ندىً
وكما علمتِ شمائلي وتكرّمي
وحليلِ غانيةٍ تركتُ مُجَدَّلَ
تمكو فريصتُهُ كشدقِ الأعلَمِ
سبقَت يدايَ له بعاجلِ طعنةٍ
ورشاشٍ نافذَةٍ كلونِ العَندَمِ
هلّا سألتِ الخيلَ يا ابنةَ مالكٍ
إن كنتِ جاهلةً بما لم تَعْلَمي
إذ لا أزالُ على رحالةِ سابحٍ
نهدٍ تعوا رُهُ الكُماةُ مُكَلَّمِ
طورًا يُجرَّدُ للطِعانِ وتارةً
يَأوي إلى حصدِ القسيِّ عَرمرَمِ
يُخبِركِ من شهدَ الواقعةَ أنني
أغشى الوغى وأعفُ عند المغنمِ
ومُدجَّجٍ كرهت الكُماةُ نِزالَهُ
لا مُمعِنٍ هربًا ولا مُستسلمِ
جادَت له كَفّي بعاجلِ طعنةٍ
بمثقَّفِ صدقِ الكعوبِ مُقوَّمِ
فشَككتُ بالرُمحِ الأَصمِّ ثِيابَهُ
ليسَ الكريمُ على القَنا بمُحرَّمِ
بكَ عَادَ الرَّضِي وَابْنُ العَمِيد
- يقول خليل مطران:
وإلى الكاتب المجيد يُساقُ المَدحُ
من كل ألمعيٍ مُجيدٍ
علمٌ ليس في طرابلس من سواه
بالعبقريِّ الوحيدِ
كم له في مناحج العلم من را
ئدِ فضلٍ وكم له من مُريدٍ
شاعرٌ ينظمُ القلائدَ من درٍ
يتيمٍ ومن جمانٍ نضيدِ
حاضرُ الذهن ما دعا الوحيَ لَبّى
من سماء الحِجى بمعنى جديدِ
أخا الحزم نبئني أفارقت عن حزم
- يقول خليل مطران:
فإن طهُرت نفسٌ فما الفخرُ ظاهراً
بفخرٍ وليس الجاهُ خيرًا من العدمِ
ونيلُ الأماني كلها دونَ هفوةٍ
يسوءُ بها قاضٍ مسوءًا بلا جُرمِ
على أنها الأحداث تعرض للنُهى
فتخفي ضياءَ الحقِ عن ثاقبِ الحلمِ
إذا المرء لم يُمنَح شهادةً ما اختفى
وأمانًا من البلوى وتِمًا من العلمِ
فقد يُخطئُ الحقَّ الصريحَ إذا قضى
ويأخذُ بالإثمِ البريءَ من الإثمِ
برحتَ سماءً للقضاء إذا صفتْ
فأحيتْ فقد تَرمي بمُرديّةِ الرُّجمِ
وآثَرتَ ميدانَ المحاماةِ دُونها
مجالاً رحبًا للمروءةِ والعزمِ
هذا على كبرياءٍ في مطامعها
يقول القاضي الفاضل:
هذا على كبرياءٍ في مطامعها
نفسٌ على فقرها تسترخِصُ الغالي
فلا عدَمتُ يمينًا منه مُغرقةً
في يمِّ معروفِها فرعونَ آمالي
قلبٌ تراكمتِ الأوجالُ وازدحمت
فيهِ فأوجالهُ منه بأوجالي
فقُل لهمٍ جديدٍ جاء يسكنُهُ
إنّي نَصيحُكَ فاطلب مَوضعًا خاليًا
ولهمومٍ كنوزٌ فيهِ مُقفلةٌ
من السكوتِ على الشكوى بأقفالِ
فلو رآهُ سرورٌ كان يُنكِرهُ
والهمُ لو قد يراه قالَ هذا لي
أعمالُ دهرٍ إذا أنكرتُ سُنَّتها
عرفتُ منها بما عوقِبتُ آمالي