أخلاق الفضل تعكس عظمته
- يقول البحتري:
الفضلُ يمتاز بأخلاقٍ سامية،
لا يرغب أحدٌ بمكانته عن مكانته.
جمعَ كافة المكارم برُوحٍ،
لم تتجمع في أحدٍ من قبله.
فمتى استقر الفضلُ، ترتفع الأماني،
وفي ظله تسير الرغباتُ نحو العلى.
إحسانه أساسٌ من الأمل، وكلامه
عند المواعيد أفعالٌ تظهر جلياً.
حقق التوازن بين البعيد والقريب،
ورأى أن طريق الحمد هو أفضل السبل.
لم تُجهدِ الأجواد لبلوغ المراتب السامية،
إلا باستقبالها بأسهل الطرق.
يخبرك هديه عن قرب النبوة،
فكل شيءٍ يشير جزءٌ منه إلى الكل.
بحسبه يكون المأمون والمهدى،
وصورٌ تنتمي إلى كثرة الأفعال وقليلها.
هو شرفٌ، أبَا العباس، قمتَ بحقّه،
فتركتَ ما هو دنيء من أجله.
الله يشهد، وهو أصدق الشهود،
أن ابن عمّ أبيك هو خير المرسلين.
أخلاق المجد لا تضاهى
- يقول النابغة الذبياني:
أخلاق المجد تتألق، ولا مثيل لها،
في الشجاعة والكرم بين العلم والخبر.
متوجٌ بالمفاخر، فوق هامة الجبين،
وفي المعارك كالقمر في صفائه.
الفضل مرآة الأخلاق الرفيعة
- يقول محمود سامي البارودي:
أه يا أخلاق الرجال، وإن انتشرت،
فأربعةٌ منها تتفوق على الجميع:
وقارٌ بلا كِبر، وصفحٌ بلا أذى،
وجودٌ بلا منّ، وحلمٌ بلا ذل.
المكارم تنبع من الأخلاق النبيلة
- يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
المكارم هي الأخلاق المطهرة،
فالدين هو الأول، والعقل الثاني.
والعلم ثالث، والحلم رابع،
والكرم خامس، والفضل سادس.
والبر سابع، والصبر ثامن،
والشكر تاسع، واللطف يبقى بقية.
والنفس تعرف أني لا أُصادقها،
ولست أرشد إلا عندما أعصاها.
الأخلاق تثمر كما تنمو النباتات
- يقول معروف الرصافي:
الأخلاق تنمو كالنبات،
إذا سُقيت بماء المكارم.
تقوم تحت رعاية المربي،
على ساق الفضيلة مثمرة.
وتسمو للمكارم بتناغم،
كما اتصلت أنابيب القناة.
وترتقي من عمق المجد روحٌ،
بأزهارٍ تدل على عبقها.
ولم أرَ لفضائل الخلائق مكاناً،
يهذبها كمودة الأمهات.
فحضن الأم مدرسة تعلوا،
بتربية البنين أو البنات.
وأخلاق الوليد تُقاس حسناً،
بأخلاق النساء الوالدات.
ليس ربيبُ رفيع المزايا،
كمن نشأ في صفاتٍ وضيعة.
وليس النبت ينبت في كيانات،
كمثل النبت في الفلاة.
يا صدر الفتاة، رحبت صدرًا،
فأنت مقرٌ للرحمة.
نراك إذا ضممت الطفل كاليوم،
يفوق كل ملامح الحياة.
إذا احتضن الوليد حنانك،
تظهر لوحات الشغف معكوسة.
وما دربان قلبك غير درس،
لتعليم الخصال الفاضلة.
فأول درس في تهذيب الذات،
يبدأ بكِ، يا صدر الفتاة.
فكيف نتوقع من الأبناء خيراً،
إذا نشأوا في حضن الجاهلات؟
وهل يُرجى لأطفال الكمال،
إذا ارتضعوا حليب الناقصات؟
فما بال الأمهات جهلن حتى،
آتين بكل طيش الحصاة؟
حنوٌ على الرضيع بلا علم،
فضاع حنوّ تلك المرضعات.
أأمّ المؤمنين إليك نشتكي،
مأساتنا بجهل المؤمنات؟
فقد أنزلتِ، يا أم، من البلاء،
“نكاد نغصّ بالماء الفرات”.
أخذنا بعدك العادات دينا،
فأشقى المسلمون والمسلمات.
قد سلكوا بهن سبيل الخسارة،
وصدوهن عن سبل الحياة.
بحيث صارن قعر البيت حتى،
أصبحن كالأداة.
وعُدّوا أضعف من ذبابة،
بلا جناح وأهون من زهره.
وقالوا إن شرعة الإسلام تفرض،
تفضيل “الذين على اللواتي”.
وقالوا إن حق العلم شيء،
تضيق به صدور الغانيات.
وقالوا إن الجاهلات أعفّ نفسًا،
عن الفحشاء من المتعلمات.
لقد كذبوا على الإسلام كذبة،
تزلزل الشموخ فيه.
أليس العلم في الإسلام فريضة،
على أبنائه والبنات؟
كانت أمنا في العلم بحراً،
تحل لجميع السائلين المشكلات.
وعلمها النبي أجل علم،
فكانت من أفضل العالِمات.
لذا قال ارجعوا دائماً إليها،
بثلثي دينكم ذي البينات.
وكان العلم تلقيناً، فأصبح،
يحصل بالتحاق المدرسات.
وبالتقرير من كتب ضخمة،
وبالقلم الممدود من الدواة.
ألم نرَ في الحسان الغيد سابقًا،
آنسات بمواهب كاتبات شاعرات؟
أخٌ طاهر الأخلاق، عذبٌ كأنه
- يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
أخٌ طَاهِرُ الأخلاقِ، عَذْبٌ كَأَنَّهُ،
جَنَى النَّحْلِ مَمْمُوزجاً بماءِ غَمَامِ.
يزيد على الأيام فضل موده،
وشدة الإخلاص ورعاية الذمام.
إذا ابتدر الناس المكارم بزّهم
- يقول كثير عزة:
إذا ابتدر الناس المكارم، ازدهرت،
عروض أخلاق ابن ليلى وطولها.
وإنَّ ابن ليلى حدثني بمقالة،
ولو سرتُ فيها كنتُ ممّن ينالها.
عجبتُ لتركِي خطة الرشد بعدما،
بدانيّ من عبد العزيز قبولها.
وأمّي صعبة الأمور أروضُها،
وقد أَحْكَمَتني يوماً ذلولها.
حلفتُ بربّ الرّاقصات إلى منى،
أن يغول البلادَ نصها وذميلها.
لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها،
ودعتني منها، إذاً ما أُقيلها.
فهل أنتَ إن راجعتُكَ القولَ مرةً،
بأحسنَ منها عائدٌ، فمنيلها؟