إن الفراق بين الأحبة أو الأصدقاء، أو حتى بين الأشخاص بشكل عام، يعد من الأمور التي تُسبب ألمًا عميقًا في القلب. فالفراق هو من أكثر التجارب التي تؤلم الروح والنفس.
شعر الحب والفراق والعتاب
قصيدة “ليت الحبيب الهاجري” للمتنبي
ليت الحبيب الهاجري هجر الكرى من دون ذنب.
واصل صلتك الحارة بنا، حتى وإن لم تدرِ أننا حُلا.
ما ألواننا من تلك الفوانيس التي تراقصنا فيها.
وقد ألهبت أنفاسنا حتى باتت العواذل تخشى أن تحترق بشغفنا.
أفدي تلك الأعين التي تابعتها بحذر، فرادى بين زفرات أنفاسي.
أنكرت الأحزان في لحظة، ثم اعترفت بها؛ فأصبحت عادة تحملني.
قطعت في دروب الحياة، وركبيتي تحملني في أوقات الخمول.
وقفتُ هناك حيث أوقفني النداء، وبلغتُ ما كان ينادي به بدر بن عمار لأبي الحسين.
يضيق صدري بكلمة واحدة، ولو كنا في دهر من الشجاعة.
وذكراها يعطيني العزاء، وينبذ الخوف من الحديث عنها.
يجب علينا أن نسمح لمشاعرنا أن تتحدث في ظل الحرب، ولكن هل تجرؤ على التراجع؟
فكأنه وفي أثناء الطعنة، يخشى أن يؤذيه المجهول من وراءه.
وخلال حدة الفهم، أدرك أن الأمور بما يكفي من اليقين.
يخشى الجبروت من المفاجأة، فيبقى محجوزًا في عالمه بعزيمة لا تستكين.
فقد وجدت هناك ما يوازي أسلحتي، حتى أن ثوبه يبدو أخف من الحرير.
غضب الحاسد إذا تقابلتَ برضاك.
فقد أصبح الجميع مؤمنين بفضلك، وإن اتقى غيرنا من الكافرين.
أصبح الليل خاليًا من الغزالة، ولكن الله أعاضها حتى لا نحزن.
قصيدة “قبلك”
قبلكِ، كان الحب مجرد خرافة.
وشيء من الهذيان وأساطير الأوائل.
قبلكِ، كان الحب مجرد حروف أكتبها.
أرددها على أجنحة الريح.
وكأسًا أُثمل بها في مجالس المتيمين.
قبلكِ، كان الحب شوقًا نحو المجهول.
وبكاءً على من غادرونا.
قبلكِ، كان الحب ترفًا.
أُغنيه بسكر بين شعراء الأساطين.
قبلك، كان الحب وهمًا.
وجيشًا من الأشباح يتسلل إلى محراب القلب.
قبلك، لم يكن الحب سوى نساءٍ.
لا تفهم من حديثٍ سوى الكلام عن الفراش.
ومجرد وسائل لتناسل البنين والبنات.
قبلكِ، كان الحب يُخبرني عن شيءٍ أخشى عليه.
وأكتفي بالسكون وقوام السنين.
قبلكِ، كان الحب فكرة أدندن بها.
إن خلى مجلسي من الجالسين.
ابقَ حيث أنتِ.
متفيئةً بين مشاعر القلب.
وتميمة أستخدمها لطرد وحش الفراق في الحب.
فأنا أجد سعادتي في سجدة بين الساجدين.
شعر الحب والفراق والعتاب مكتوب
قصيدة “لا تكثر بحكيك”
لا تكثر في حديثك، فقد تكون طرقك أشواكًا.
يا من ذو القدمين، ثمن حديثك غالٍ.
تذكر الأزمنة والأيام الماضية.
هذا أسلوبك مع الآخرين ويليق بك.
لا تنقل لسانك إلى من رباك.
أنا بنيتك ولست عاجزًا أن أهدمك.
ارتقِ يا نفس، وعقلي يا قلب.
وارقدي يا عين، واغفري يا شوق.
أنصحك، يا قلبي، لا تنقبل لك الشوق.
رحلتك مع رحيلك عند سواك.
من يضعك تحت لا يُعلي بك.
ومن يرفعك فوق يبشر بعواقب.
الكبرياء لا يهبها إنسان.
والنجم إن سقط قيل له هوى.
ما بيني وبينك مجاري وعذاب.
شاهد دربك الذي جئت منه.
لن تستطيع التغلب عليّ إذا أحببتني.
من قربك لأجلك وجعل قلبي تذل له.
كنت القريب والجميع غرباء.
حتى القمر عندما يختفي، أراك في مكانه.
لذا اعتبرني واحدًا من أذنب وتاب.
لن أكون ثوبًا يرتديه ثم يتروك.
سأتركك لغيرك من يسليك.
وسأنسى ماضي مسيرك.
طالما أحببت الغير، فلله يهنيك.
وسأبقى أذكرك بالخير.
ابقَ معه.. يمكن أن يراعيك.
لكن لا تجئ إليّ بعد أن تتركه وتحب غيرك.
قصيدة “وكلا في الصمت حزين” لفاروق جويدة
لن أقبل صمتك بعد اليوم.
لن أقبل صمتي.
قد ضاع عمري بين قدميك.
أتأمل فيك وأستمع إليك.
ولا تنطق.
أطلالي تتحدث بين يديك.
حرك شفتيك.
أنطق كي أستطيع النطق.
أصرخ كي أستطيع الصراخ.
لساني ما زال مصلوبًا بين الكلمات.
عار أن تعيش مسجونًا فوق الطرقات.
عار أن تبقى تمثالًا.
تخبر عن الماضي بكلمات.
عبدوك في زمن وأتحدت فيك العبادات.
وأصبحت مزارًا للعالم.
خبرني، ماذا يحكي صمت الأموات؟
ماذا في رأسك، أخبرني.
أزمنة مرت.
وملوك سجدوا.
وعروش سقطت.
وأنا محبوس في صمتك.
أطلال العمر على وجهي.
نفس الأطلال على وجهك.
الكون تشكل من زمن.
في العالم موتى.. أو أحياء.
لكنك شيء أجهله.
لا حي أنت، ولا ميت.
وكلانا في الصمت سواء.
أعلن عصيانك، لم أعرف لغة العصيان.
فأنا إنسان يهزمني قهر الإنسان.
وأراك الحاضر والماضي.
وأراك الكفر مع الإيمان.
أهرب فأراك على وجهي.
وأراك القيد يمزقني.
وأراك القاضي والسجان.
أنطق كي أتمكن من النطق.
هل صحيح أنك يومًا ما قد تجولت في الآفاق.
وأخذت تدور في العالم.
وتبحث عن سر الأرض.
وسر الخلق.
وسر الحب.
وسر الدموع والأشواق.
وعرفت السر لكنك لم تنطق.
ماذا في قلبك، خبرني.
أشعار حب وفراق وعتاب قصيرة
قصيدة “أعلل قلبي”
أعلل قلبي في الحب وأكتم.
لكن حالي تجدني كلما ذُكر هواك.
كنت خاليًا لا أعلم ما الهوى.
فأصبحتُ حياً والفؤاد متيّم.
إني رحلت إلى عينيك أطلبها.
إما الموت أو العود بنصر كبير.
كل القصائد أستلهمها من عينيك.
لم أكن أقدر أن أكتب دونك.
أصبحت عيونك ألحانًا لقصيدتي.
والقلب صار وترًا لألحان الهوى.
بغربة الوقت أحببتك.
وبدمعة الغيمة أحببتك.
بهزة رموشكِ أحببتك.
بكل حواس الحب أحببتك.
دمعة تتدفق وشمعة تنطفئ.
والعمر بدونك يختفي.
ومن دونكِ حتمًا قلبي ينتهي.
حبيبي أهديت لك سني.
وأعتذر عن ثمن الهدايا الرخيص.
قدرك عالٍ فوق السماوات.
ونجومها لك هدية.
يا حظ المكان بك.
يا حظ من حولك.
يا حظ من يرونك.
وأنا أفتقدك.
أي سرّ يختبئ في شوقي إليك.
إن شوقي حائر في عينيك.
كلنا أسرى لصبابات الهوى.
فاحظني، إنني ملك يديك.
إن كان ذنب حبك يلهيني عمن سواك.
فلست عنك بتائب.
يفنى الزمان ولا أخون عهدك.
لن أرجع مهما عانيت من الأذى.
أصبو إليك كلما لح الفجر ساريًا.
أو ناح طير الأيك بين الأغصان.
أعلل قلبي في الغرام وأكتم.
لكن حالي يترجم مليًا.
كنت خاليًا، لا أعرف ما الحب.
فأصبح قلبي خاليًا ومعذبًا بالحب.
وصل الكتاب كتابك فوضعته.
من حرقة فؤادي كأنكم عندي طول النهار.
وإذا رقدت، يكون تحت وسادتي.
أميرة الحسن، حلي قيد أسراك.
واعذبي بعذب الجمال عذابًا طاغيًا.
قصيدة “حنانيك ما ذا الهجر”
حنانيك ما ذا الهجر، يا أم قاسم.
فأما فرفقًا بوالهان القلب والواهم.
أنسِني من هذا الوَجد المتأجج.
فؤاداً قاسياً كالصخر، لا يرحم.
ما باله، كيف تجفينه وهو سيد.
كريم من المجد، عينه من الأكارم.
نسبٌ عريق طيب النجار.
بني كرام في الوجود وكرائم.
وجهٌ جليل في العيون محترم.
جميل وسيم، وليس بجاهم.
شجاع تربي في الوغى وهو ضيغم.
تذل من خيفته أمام الأعداء.
يكر على الأسود، لا يخشى الرّدى.
ويغلب قلب الشجاع دون رحمة.
يظن إذا كَرَّ يظن أنه بلا خلفية.
طريقٌ به يبدو مرافر لهاجم.
ويهاجم كالعقبان عند الانقضاض.
ويضرب بكفيه أيّ الأخطار.
يعادل أسود الوغى لو اجتمعوا.
بلا الأسد الرئبال، مردي الهاضم.
أبي العز خالداً من المجد، فخر بني العلى.
علي السجايا، بعضها جود حاتم.
فذاك هزبر رجح لو وزنته.
مدى العمر في الدنيا بكل الضياحيم.
هصور مهيب يكسر الظهر صيته.
وما كل صيتٍ يظهر بقاصم.
تخاف به الأطفال وهي في مهودها.
وتهلك من ذكره حماس الجهاضيم.
قصيدة “أعاذل كيف ينساني حبيب” لعرقله الدمشقي
أعاذل كيف ينساني حبيب.
كيف أنسى وأذكره في كل حين.
يذكره تدفق الدموع في عيني.
وتذكرني الثنايا بما يترك عند الفراق.
أعاذل كيف يؤثّر عليّ شقيق.
تماثل وجنتاه والشقيق.
واطرح المدام، وفيه من الملام.
ثلاث مقلات وفم وريق.
أعاذل قل، صبري زاد شوقي.
حملت من الهوى ما لا أطيق.
أودّعه وأعتذر، فؤادٌ.
يعذبه الغياب والفراق.
اجمل أشعار حب وفراق وعتاب
قصيدة “لقد دب الهوى في فؤادي” للمتنبي
ما كنت من الذين يدخلون العشق في قلوبهم.
ولكن من ينظر إلى جفونك، يعشق.
أغرتني أمانيك بأن حبك قاتلي.
رغم بكاء المحبين، القلب يطيع.
يهوى قلبك ما زال، وإن مت.
يتبع صداي صداك في العالم الآخر.
أنت جنتي وعذابي في يومي.
ما تأمرني في قلبي، وأحلاك.
ما يعجبني موت المحبين بالحب.
لكن غربة العاشقين تعجب.
لقد دب الهوى في فؤادي.
كما يسري دم الحياة في عروقي.
يا صديقي فيما عشتما، هل رأيتم؟
قتيلًا البكى من حب قاتلي قبلي.
لو كان قلبي معي، ما اخترت غيركم.
ولا أذنت بديلاً في الحب سواكم.
فيا ليت هذا الحب يعشق مرة.
ليقف ما يعانيه المحب من الهجر.
وكيف لأهوي النوم في غير وقته؟
لعل لقاء يكون في المنام.
ولولا الهوى ما ذل في الأرض عاشق.
لكن عزيز العاشقين ذليل.
نقل قلبك حيث شئت من الهوى.
ما الحب إلا للحبيب الأول.
إذا كانت خواص المحاسن مجتمعة،
ففي وجه من تهوى جميع المحاسن.
لا تتصارع بنظراتك مع قلبي.
فمن ضعيفان يغلبان قويًا.
إذا ما رأت عيني جمالك مقبلًا،
وحقك، روحي تسكر دون شرب.
كتب الدمع بخدي عهدة لحب.
والشوق يملى ما كتبته.