عيناك والسحر الذي تحملهما
كتب الشاعر إيليا أبو ماضي:
عَيناكِ والسحر الذي يسكن فيهما
صَيّرا مني شاعراً شاعراً
علمتني الحب وقدمت لي دروسه
بَدَر الدجى وغصن الطير الجميل
إذا غبتِ عن عيني وجنّ الليل
سألت القمر اللامع عنكِ
وأطرق الروضة عند إشراقة الفجر
كي أستمتع بمناجاة البلبلة الشاعرة
وأقطف الورود من كفوف الزهر
لأن فيها عبقاً من المشاعر الفائضة
يُذكر الشاب بذلك العطر الساحر
هل تذكرين العاشق الذي كان يُفكر
كم كان نائماً في مرقده هانئاً
أيقظتِ ألحانه باكراً
فساءني مثلما ساءه ضياع الهوى
لما رأني في الروابي تائهاً
أخذ يشكو لي ويشكو لي همومه
من عذاب الحب والجفاء
وكوكبٌ سمعت زفراته الليلية
فبات مثلما أنا ساهياً ساهراً
زجرت النوم بعيداً عن مقلتي
ولم أكترث للوم المتحاملين
يا ليتني مثل ثائرٌ
كي نركب المثل السائر.
الحب هو جوهر روحك
كتب الشاعر خليل مطران:
الحب روحٌ أنت معناهُ
والجمال لفظٌ أنت مبناهُ
والأنس عهدٌ أنت جنتُهُ
واللفظ روضةٌ أنت مغناهُ
رحم الله فؤاداً بحبك أصبح
مضنيا وحمّاهُ حماهُ
تمت برؤيتك الأماني فحكت
حلماً تمتعنا برؤياهُ
يا طيب عيني حين أنظر إليكِ
يا سعادة قلبي حين أسمع نداكِ.
ومضة حب
كتب الشاعر عبد الرحمن العشماوي:
ما الحب إلا ومضةٌ في قلبي
بشعاعها يتألق الوجدانُ
لولا الوفاء لها لمات ومضها
ومميتُها القلبُ الخسارُ
هي ومضةٌ تجلو الظلام إذا علا
قصد المحب وصانها الإحسانُ
أما إذا ساءت مقاصد عاشقٍ
فهي اللهب في القلب والنيرانُ
ما الحب إلا ومضةٌ ساطعة
بعطائنا ووفائنا تزدانُ.
رقّة طبعك كنسمة
يقول إبراهيم ناجي:
رقّة طبعك كالنسمة
ومن شاطئ البحر تأتي بشفاعتي
أزف إليك جميل البيان
وأوجز حبي بكلمة واحدة
أحبكِ حبّين حب ابنتي
وحبي لما يفيض من رقتك.
أحبك، والبقية تأتي
يقول نزار قباني:
حديثك سجادةٌ فارسية
وعيناك عصفوران دمشقيان
يتطاير بين الجدار والجدار
وقلبي يسافر مثل حمامة فوق مياه يديك
ويأخذ قيلولةً تحت ظل السوا
وإني أحبك
لكن أخاف التورط فيكِ
أخاف الوحدة بعدك
وأخاف الانخراط في حبك
فقد علّمتني التجارب تجنب عشق النساء
وموج البحار. لا أناقش حبك.. فهو نهاري
ولست أناقش شمس النهار
أنا لا أجادل في حبك.. فهو يقرر
في أي يوم سيأتي، وفي أي يومٍ سيرحل
وهو يحدد وقت الحوار وشكل الحوار
دعيني أصب لك الشاي
أنتِ خرافية الحسن هذا الصباح
وصوتك نقشٌ جميلٌ على ثوب مراكشية
وعقدك يلعب كالطفل تحت المرايا
ويرتشف الماء من شفة المزهري
دعيني أصب لك الشاي، هل قلت إني أحبك؟
هل قلت إني سعيدٌ لأنك جئت؟
وأرق حضورك يسعد مثل حضور القصيدة
ومثل حضور المراكب والذكريات البعيدة.
كما يقول قباني أيضاً:
أحبك .. حتى يتم انطفائي
بعينين كاتساع السماء
إلى أن أغيب وريداً وريداً
في أعماق منجدلٍ كستنائي
إلى أن أحس بأنك بعضي
وبعض ظنوني .. وبعض دمائي
أحبك غيبوبةً لا تفوق
أنا عطشٌ يستحيل ارتواؤه
أنا جعدةٌ في مطاوي قميصٍ
عرفت بنفضاته كبريائي
أنا عفو عينيك أنت كلانار
ربيع الربيع عطاء العطاء
أحبك .. لا تسألي أي دعوى
جرحت الشموس في بادعائي
إذا ما أحبك نفسي أحب
فنحن الغناء ورجع الغناء.
يعلمني الحب ألا أحب
يقول محمود درويش:
يعلمني الحب ألا أحب وأن أفتح النافذة
عَلى ضفّة الدرب. هل تستطيعين أن تخرجي من نداء الحبق؟
وأن تقسّمني إلى اثنين: أنت وما يتبقى من الأغنية
وحبٌ هو الحب في كل حب، أرى الحب موتاً لموتٍ سبق
وجيحاً تعاود دفع الخيول إلى أمها الريح بين السحابة والأودية
هل لا تستطيعين أن تخرجي من طنين دمي
كي أهدهد هذا الشغف
كي أسحب النحل من ورق الوردة المعدية
حبٌ هو الحب يسألني كيف عاد النبيذ إلى أمه واحترق
وما أجمل الحب حين يُعذب
حين يُخرب نرجسة الأغنية
يعلمني الحب أن لا أحب
ويتركني في مهب الورق.
الانتظار الأبدي
للشاعر سيد قطب:
أنا بانتظارك وما أبالي
رضي الهوى حكم الجمال.
غيبي إذن أو فاحضري
أنا قانع في كل حال
راضٍ بأحلامي التي
تنصب عليك حلى الجلال.
لست الملومة إن كنتُ
رشيدة أجنحة الدلال
ما للجمال متى بدا
إلا التخشّع في ابتهال.
أنا بانتظارك في الشروق
وفي الغروب وفي الزوال
أنا بانتظارك حين أصحو
طلعة كاللآلي
أنا بانتظارك حين أغفو طائراً مثل الخيال
وإذا اقتربتِ تطلعت
وإلى التمازج بيننا
حنى نحور إلى الكمال
هو ذاك سر تنظري
أبدًا إليك فما احتيالي.
نعم بالصبا قلبي صبا لأحبتي
يقول الشاعر ابن الفارض:
نعم بالصبا قلبي صبا لأحبتي
فيا حبّذا ذاك الشذى حين هبّت
سرَت فأسرّت للفؤاد غدائية
أحاديث جيران العذيب فسرت
مهيمنة بالرّوض لدنٌ رداؤها
بها مرضٌ من شأنه برء علّتي
لها بأعيشاب الحجاز تحرّشٌ
به لا بخمر دون صحبي سكرتي.
تذكرني العهد القديم لأنها
حديثة عهد من أهالي موديتي
أيا زاجراً حمر الأوارك تاركي
ما للمراد متى بدا
إلا التخشع والإبتهال.
تجددت الحابس ذو الودى الوضاح
وجُبت فيافي خبت آرام وجرة
ونكبت عن كثبي العريض معارضاً
حزونا لحزوى سائقين لسويقة.
وباينت بناتٍ كذا عن طول عريضة
بسلك فسل عن حلةٍ فيه حلت.
وعرج بذياك الفريق مبلّغاً
سلمت عريباً ثم عنّي تحيتي
فلي بين هاتيك الخيام ضنينةٌ.
علي بجمعي سمحة بتشتتي
محتجبة بين الأسنّة والظُبا
إليها انثنت ألبابنا إذ ثنت
ممنّعةٌ خلع العذار نقابها.
مسربلةٌ بردين قلبي ومهجتي
تتيح المنيا إذ تبيح لي المنى
وذاك رخيصٌ منيتي بمنياتي
وما غدرت في الحب أن هدر دمي
بشرع الهوى لكن وفّت إذ توفّت
متى أوعدت أو علت إذا وعدت لوات
وإن أشتكى يطرق حياءً وهيبة
وإن اعتزلت أشفقت فلن أتلفّت.
ولو لم يزرني طيفها نحو مضجعي
قضيت ولم أستطع أن أراها بمقلتي
تخيل زوري كان زور خيالها
بفريط غرامي ذكر قيسٍ بوجد.
وبهجتها لبنى أمت وأمت
فلم أرى مثلي عاشقاً ذا صبابةٍ
ولا مثلها معشوقةً ذات بهجةٍ.
هي البدر أوصافاً وذاتي سماها
سمت بي إليها همتي حين هامت
منازلها مني الذراع توسداً.
وقلبي وطرفي أوطنت أو تجلت
فما الوضوء إلا من تحلّب مدمعي
وما البرق إلا من تلتهب زفرتي.
إن قَلبي عن تكتم غيرٌ سال
يقول عمرو بن قميئة:
إن قلبي عن تكتم غيرٌ سال
تيّمَتني وما أرادت وصالي
هل ترى عيرها تُجيز سِراعا
كالعَدولي رائحاً من أوالِ
نزلوا من سُويقة الماء ظهراً
ثم راحوا للنّعف نعف مطالب
ثم أضحوا على الدثينة لايألون
أن يرفعوا صدور الجمال.
ثم كان الحساء منهم مصيفاً
ضارباتِ الخدور تحت الهدال.
فزعَت تُكتَمُ وقالت عجيباً
أن رأتني تغيّر اليوم حالي
يا ابنة الخير إنما نحن رهينةٌ
لصروف الأيام بعد الليالي.
جَلّحَ الدهر وانتثى لي قدماً
كان يُنحي القوى على أمثالي
أقصَدَتني سِهامُهُ إذ رأتني
وتولّت عنه سليمى نِبالي.
لا عجيب ما رَأَيتِ ولكن
عجبٌ من تفرط الآجال.
تدرك التمساح المولع في اللج
جأة والعصمة في رؤوس الجبال
والفريد مسفَّع الوجه ذا الجدّة
يختار آمنات الرمَال.
وتصدّى لتصرع البطال الهند
وعبين العلهاء والسر BAL.