الفارق بين النهار والليل يثير الذكريات
يتحدث الشاعر أحمد شوقي في قصيدته عن شوقه إلى الوطن:
الفارق بين النهار والليل يثير الذكريات
اذكر لي أيام طفولتي ولحظات السعادة
واصف لي صبا الشباب
الذي مر كنسيم رقيق، عابراً مبتهجاً
احتوت أعواماً مليئة باللذات الجميلة
هل نسي القلب بلادي مصر، أم أن الزمن قد أوجع الجراح؟
فكلما مرّت ليالٍ على القلب
تجدد الاشتياق في العهود بالصعوبات
إذا صوت السفن ينادي في المساء
أو ينطلق بعد آن تتصاعد الأصوات
كأنني راهب يشعر بدقات قلبي
كلما اهتزت الأمواج عادت إلى الحياة
يا ابنة النهر، هل والدك بخيلٌ؟
فلماذا هذا الشغف بالمنع والحبس.
هل يُحرم عليّ الاستمتاع بجمال الشتاء
بينما هو مستحب لطيور من كل الأجناس؟
كل بيتٍ خيرٌ لأهل الوطن،
إلا في الأفكار الباطلة
قلبي أغلى من كل ثروة
وأنا على ضفاف الدموع أبحر وأجدف
وطنٌ لو شُغلت عنك بالخلد
لصرتُ أحتاجك في الحياة الأبدية.
غريب في الخليج
في قصيدته “غريب في الخليج”، يتحدث الشاعر أحمد مطر عن حزنه لفراق الوطن:
تلهث الرياح في حرّ الهجير، كالجثث، عند المساء
وعلى الأشرعة تتبعثر الآمال نحو الرحيل
يقف الخليج مزدحماً بكادحيه، جوًاب بحار
من كل حافٍ، نصف عارٍ
وعلى الرمال، في الخليج
جلس الغريب، يلقي نظرة حائرة في الأفق
ويزعزع أعمدة النور بشجنِ يكاد يعتصره
أعلى من الموج الجارف يتعالى صوته، من الضجيج
صوتٌ ينفجر في أعماق النفس الحزينة: عراق
كالموج يرتفع، كالسحاب، كدموعٍ تتوجه نحو العيون
الريح تهتف: عراق
والموج يصرخ باسمك: عراق، فلا شيء إلا العراق
أوسع البحار، وأنت أينما كنت بعيداً
والبحر دونك يا عراق
بالأمس حين مررت بمقهى، تذكرتك، يا عراق
وكأنما كان ذلك لحنًا يتكرر
دورة الأقدار في حياتي تتشكل مجرياتها
في لحظتي أمان، رغم كل ما فقدته
هي ملامح أمي في ظلام الليل
وصوتها يرافقني حتى النوم
وأخشى النخيل حين يطمس الغروب
فيكتظ بالظلال، يسرق كل طفلٍ بعيد عن الدروب
هي الذكريات التي تسكن الماضي
وكيف شقّ القبر، أمام صورة حبيبة
فاحتوتها… إلا جديلتها
أيتسألكِ؟ زهراء، هل تذكرين؟
تنورنا المشتعل بالمواقد؟
وحديث عمتي عن الأزمنة الغابرة؟
وراء بابٍ يبدو كأنّه هو القضاء
قد أغلقته على النساء
تحت حكم الرجال الأوفياء
كانوا يتفتنون ويضحكون بلا تعب
أفتتذكرين تلك الأيام؟
كنا سعداء ومرتاحين،
القصص الحزينة كانت قصص النساء
تسرد لنا حيواتٍ وأزمان، كنا أروعه
أفليس هذا سوى سرابٍ؟
حلم ودورة فترة حياتي؟
إن كان هذا كل ما يبقى، فحدد لي العزاء
احببت فيك عراق روحي أو أحببتك أنت فيه
يا أنتما – ضوء روحي أنتما – وجاء الليل
لقد غرق الليل، دعوا النور يضيء لكم ولا تتيه.
لو جئت إلى الوطن الغريب، فلن نبصر اللقاء الكامل
اللقاء معك والعراق باقترب يديّ.. هو اللقاء
شوقٌ يعجّ في دمي إليك، كما هو الرغبة العميقة
ليس لدي وطن سواه
يقول الشاعر سليمان جوادي في قصيدته:
ليس لي وطن غير هذا الذي
ينبت الحب في جنباته
وتتردد فيه الأغنيات
غير هذا الذي يكثر فيه العشق
ويزدهر فيه الأمل
ليس لي وطن غير هذا الذي
يعيش في دمي
ليس لي جزر إلا تلك التي اتخذت
أضلعي موعدًا للمحن
آه، أي جسدٍ يحملني
هل أكون ميناءً أم سفنًا
هل أكون واحةً للهوى أم مدنًا
آه، يا جسدي
أنا غارقة في حب وطني للأبد
وطن النجوم.. أنا هنا
يقول الشاعر إيليا أبو ماضي:
وطن النجوم.. أنا هنا
هل تدرك؟ أتعرف من أنا؟
هل تذكرت ذلك الفتى اليافع؟
مبتهجًا، يمرح في غبائبك
كنسيمٍ لطيف يتجلى
يستمتع بلعبه في فضائك
ويضيع بين الأشجار بلا تعب
يترك الأغصان تُجري أسلحتها أو حرابها
ويغمر في وحل الشتاء
بوجه مبتسم ودائم التفاؤل
لا يهتم نظر العيون
ولا يخشى كلمات الألسنة
لكم كان يشغف أن يقال عنه: “لقد تخبطنا”.