قصيدة حب في الظلام
يقول أحمد عبد المعطي:
هل أحبك؟ عيني تعبر عن حبي
وصوتي يجهر بما في صدري،
في صمتي الطويل
جميع الأصدقاء الذين رأوني، أكدوا.. أحب!
ولكن حتى الآن، لا تعلمين!
…
أحبك.. في اللحظة التي أبتسم فيها،
كعابر سبيل يمر للمرة الأولى
عندما أسلم ثم أواصل طريقي،
لأدخل غرفة
وعندما تطلبين مني.. أروي شعراً
أرويه دون أن ألتفت، مخافة أن تلتقي عيوننا
فإن تلاقي العيون في الشعر، يفتح باباً لطائر محبوس
أخاف عليه إذا كان حراً،
أخاف عليه إذا حطّ على يديك،
فأبعدته عنكما!
…
لكن في المساء، أفتح قلبي
أسير بين أروقة السكون
وأطلق طائري،
أملي ضياء المدينة
عندما يتراقص تحت الجسور
أقول له.. يا ضياء، اروي قلبي فأنا أحب!
أقول له.. يا أنيس المركب والراحلين أجب
لماذا يسير المحب وحده؟
لماذا تظل ذراعي تضرب في الأغصان بلا ذراع؟!
يبهجني الضوء والظل حتى،
أشعر أنني بعض الظل وبعض النور
أشعر وكأن المدينة تدخل إلى قلبي
وكأن هناك حديثاً يقال، وناس يسيرون بجانبي
فأروي لهم عن حبيبي
…
حبيبي جاء من الريف
كما جئتُ ذات مرة، حبيبي جاء
وألقت بنا الرياح على الشاطئ جوعى وعراة
فأعطيته قطعة من قلبي،
ومشّطت شعره،
فصارت عيوني مرايا
وألبسته حلماً ذهبياً، وقلنا سنسير،
فخيرات الحياة كثيرة
يأخذ كل واحد منا طريقاً،
ولكننا في المساء نلتقي
فأنظر إلى وجه حبيبي،
ولا أتكلم
…
حبيبي جاء من الريف
وأخبرهم عنك حتى،
ينام وجه القمر على الغرب
وتستوطن الرياح قلب الشجرة
وحين أعود، أقول لنفسي
غداً سأخبرها بكل شيء!
قصيدة آخر رسالة حب لم تُكتب
يقول إبراهيم أحمد الوافي:
توقفي قليلاً، اتركي الجراح والعتاب
واسمعي آخر طيرٍ نطق بالحب
شجوني هذه، لعلي اليوم أفصحها
على السطور، فلا تستهيني بالغضب
في أذن هذا الليل أطلقت خاطرتي
فخيل لي أن الهوى قد صاغها أدباً
أنا سراب، وحبي مطر توقف
لم يحجب الشمس أو يجمع السحب
أنا دموع، وحبي كحل في المقلتين
لو أُفرغ الدمع، سال الكحل وانسكب
أنا شراع، وقلبي مركب قلق
أنا أغنية، لكن أذني تجهل اللحن
يا دمعة في عيون العالم تسألني
عن الحنين، وعن الأمس الذي غاب
عن الطيور، وعن الروضة التي ابتسمت
وعن الشعر الذي تعب
لا تعذليني، فما كانت محبتنا
إلا ضوءًا من الأحلام تلاشى
وهل تركنا صدى في حاضرنا
نحيي به الليل أو نزيل به الصخب؟
لا، ما أرى في حقائبنا
شيئاً إذا ما صمدنا اليوم متأملين
إني وإياك وردٌ بلا عطر
حتى الفراش الذي يحط على خديه منتحب!
تمر ثواني الليل وتتحرك أرجلها
والعمر ما زال في عيني مكتئبًا
وأنتِ كساعة مشلولة عبثت
بخاطري وتولت تنكر السبب
ماذا تريدين مني؟ رحلتي تعبت
مهاجرًا لم أزل بالحب مغتربًا
أبيع في غابة الأحزان أغنيتي
وأشتري لبقايا نارنا حطبًا
حتى عدت، وأنفاسي معذبة
حزينة، وجدار اليأس منتصبا
ولم يهب حبنا مقابلًا لرحلتي
سوى الرماد، فهل نحيا بما وهبنا؟
إذا تأملت يومًا يا معذبتي
هذه الحروف التي لم تعرف الكذب
فإنها ساعة من خاطري سقطت
أضعتها بينما استلهمت الهرب
فلتحفظيها لعل الحب يجهلها
لديك (كآخر حرف في الهوى كُتب)
قصيدة إعلان حبّ
يقول صالح الشاعر:
أعلنتُ حبي لك واختياري
وأنا واثقٌ من انتصاري
فلا تفكري، ولا تثيري
ولا تشككي، ولا تناقشي
قضاؤك المحتوم أن تكوني
معي أنا.. في جنتي وناري
إن هربتِ مني سترين ضياعاً
فأنتِ كوكبي، وفي مداري
وأنتِ من دوني بلا حياة
بلا عبير، بلا ثمار
الحب.. لو كنت تعرفينه.. ربيع
مبتسم.. كطلعة النهار
كالنجوم، كالعبير، كالأمان
كالعشب في السهول والبراري
وأنتِ يا حبيبتي نوال
بعد اشتياقي لك وانتظاري
أجمل ممّا كان في خيالي
أثمن من لآلئ البحار
أرقّ من ندى الصباح.. أشهى
من عبق الزهور في (آذار)
مبهرةٌ أنتِ بكل شيء
فكيف أُخفي عنكِ انبهاري؟
معي غدوتِ.. فاسلُكي طريقي
مختارة، وقرري قراري
ولتقبلي حبي، فإن حبي
بحر، قراره بلا قرار
قلب يحب دون شروط
هذي هي الحياة باختصار
قصيدة حب الشكور
يقول سيد قطب:
إن لم أحبك للضوء والنور
ولحسن وجه في الحياة البهية
ولسحر روحك حين يختلس النور مني
فأتبعه كالسحر
ولما تضمّنت الجمال، أفصحت
بك منه ساحرة من التعبير
ولما منحت، وما منحته من الحب
للكون، أو أحييت من الموتى
إن لم أحبك حب مفطور ولا
حب الأسير، إذًا فهو حب شكر
حب الذي أحييت فيه حياته
مما لديك من الحياة المدخرة
ووهبته ملك الحياة، وطالما
عاشها كالعامل المأجور
ومنحت ماضيه بعد ضياعه
وأشعرت قابله من المحظور
حب الذي أشرقتِ في وجدانه
فجلوت كل محجوب مستور
ونفختي في عزيمته فتوّهجت
وسكتِ لكل ممنع وخطير
أو فلأحبك حب من ألهمته
شرعاً يضيء سناه كل شعور
شعراً جمعت من الحياة زهره
ومن الجمال يُنفَح بعبير
ومن الضياء وهبته آماله
ومن الندى حلماً كوجه غرير
وبعثته وحي الحياة وفنّها
تجلوه ضمن جمالها المأثور
أفلا أحبك؟ إنها لفريضة
حب الشكور لواهب مشكور
قصيدة أحبكم حب النفوس بقاءها
يقول عماد الدين الأصبهاني:
أحبكم حب النفوس بقاءها
وأشتاقكم شوق الظماء إلى الورد
ترحلت عنكم والفؤاد بحاله
صبورٌ على البلاء مقيم على الوجد
فإن رمتم غدري فإني على الوفاء
وإن خنتم عهدي فإني على العهد
نزلنا بأرض المنيتين ومنيتي
لقاؤكم الشافي ووصلكم المجدي
سأبلى ولا تبلى سريرة ودكم
وتؤنسني إن مت في وحشة اللحد
قصيدة حب قديم
يقول بلند الحيدري:
هل تذكرين…؟
وشعرت بالخجل مما تذكرين
أما أنا
فلقد ضحكت.. ضحكت مما تذكرين
كنا صغاراً
وربما لم ندرك كم كنا صغاراً
هل تذكرين
كان النهار يموت في الأفق الحزين
كما اعتاد من سنين
كان انتظار
وأتى القطار
وتصافحت أيدٍ كثار
أيدٍ كثار
إلا.. يدي
هل تذكرين.. إلا يدي…
كانت مهيأة لأجمل موعد
لكن عبرت
عبرت لم تنظرين
لم تنشدي سري المدفون
وضحكت مثل الآخرين
أما أنا
فلقد خجلت
خجلت من حبي المهين
هل تذكرين…؟
وخجلت مما تذكرين
أما أنا
فلقد ضحكت
ضحكت مما تذكرين