دع اللوم جانبا فإنه يجلب الإغراء
دع اللوم جانبا فإنه يجلب الإغراء
وداوني بعلاج ما كان هو الداء
صفاء لا تجر الأحزان إلى ساحتها
لو مسها حجر لأثرت سراء
من كف إنسانة ذات حريّة في زي ذي ذكر
لها محبان لوطي وزناء
وقفت بإبريقها والليل معتم
فلاح من وجهها في البيت نور
فأخرجت من فم الإبريق سائلا صافيا
كأنما أخذها بالعين إعفاء
رقت عن الماء حتى صار غير مناسب لها
لطافة وجفا عن شكلها الماء
فلو مزجت بها نورا لمازجها
حتى تولد أنوار وأضواء
دارت حول مجموعة شباب دان لهم الزمان
فما يصيبهم إلا بما شاؤوا
لتلك أبكي ولا أبكي لمنزلة
كانت تحل بها هند وأسماء
حاشا لدرة أن تبنى لها الخيام
وأن تروح عليها الإبل والغنم
فقل لمن يدعي في العلم فلسفة
حفظت شيئا وفاتك أشياء
لا تملك العفو إن كنت ممن يتردد
فإن منعك ذلك في الدين إزراء
لما اختفى الحبيب وامتنعت
لما اختفى الحبيب وامتنعت
عني الرسائل منه والأخبار
اشتد شوقي حتى كاد يقتلني
ذكر حبيبي والهم والفكر
دعوت إبليس ثم قلت له
في خلوة والدموع تنهمر
أما ترى كيف قد بل عندي وقد
أقرح جفني البكاء والسهر
إن لم تلق لي المودة في
صدر حبيبي وأنت مقتدر
لا قلت شعرا ولا سمعت غنا
ولا جرى في مفاصلي السكر
ولا أزال أدرس القرآن
أروح في درسه وأبتكر
وألتزم الصوم والصلاة ولا
أمضي دهري بالخير آتمر
فما مضت بعد ذلك ثالثة
حتى جاءني الحبيب يعتذر
يا رب مجلس الفتيان الذي سموت له
يا رب مجلس الفتيان الذي سموت له
والليل محتبس في ثوب الظلام
لشرب صافٍ من صدر خابية
تغشى عيون ندماها بلآلاء
كأن منظرها والماء يقرعه
ديباج غانية أو رقم وشيء
تستن من مرح في كف مصطبح
من خمر عانة أو من خمر سوراء
كأن قرقرة الإبريق بينهم
رجع المزامير أو ترجيع فأفاء
حتى إذا درجت في القوم وانتشرت
همت عيونهم منها بإغفاء
سألت تاجرها كم ذا لعاصرها
فقال: قصر عن هذا إحصائي
أنبئت أن أبا جدي اختارها
من ذخائر آدم أو من ذخائر حواء
ما زال يمطل من ينتاب حانتها
حتى أتتني وكانت ذخرا لميتينا
ونحن بين بساتين تفوحنا
ريح البنفسج لا نشر الخزامى
يسعى بها خنث في خلقه دمث
يستأثر العين في مستدرج الرائي
مقرط وافر الأرداف ذو غنج
كأن في راحتيه وسم حناء
قد كسر الشعر واوات ونضده
فوق الجبين ورد الصدغ بالفاء
عيناه تقسم داء في مجاهره
وربما نفعت من صولة الداء
إني لأشرب من عينيه صافية
صرفا وأشرب أخرى مع ندمائي
ولائم لامني جهلا فقلت له
إني وعيشك مشغوف بمولائي
ومشتعل الخدين يسحر طرفه
ومشتعل الخدين يسحر طرفه
له سمة يحكي بها سمة البدر
إذا ما مشى يهتز من دون نحره
وأعطافه منه إلى منتهى الخصر
وليست خطاه حين يزهى بردفه
إذا ما مشى في الأرض أثر من فتر
دعوت له بالليل صاحب حانة
بمنتقص الأطراف منخسف الظهر
فجاء به في الليل سحباً كأنما
يجر قتيلا أو نشيرا من القبر
فقرب من نحو الأباريق خده
وقهقه مسرورا من القرقف الخمر
فصب فأبدت ثم شجت فكتبت
ثمان من الواوات يضحكن في سطر
فقلت لها يا خمر كم لك حجة
فقالت: سكنت الدن ردحا من الدهر
فقلت لها: كسرى حواك فعبست
وقالت: لقد قصرت في قلة الصبر
سمعت بذي القرنين قبل خروجه
وأدرات موسى قبل صاحبه الخضر
ولو أنني خلدت فيه سكنته
إلى أن ينادي هاتف الله بالحشر
فبتنا على خير العقار عوابسا
وإبليس يحدونا بألوية السكر
أيها المنتاب عن عفره
أيها المنتاب عن عفره
لست من ليلي ولا سمره
لا أذود الطير عن شجر
قد بلوت المر من ثمره
فاتصل إن كنت متصلا
بقوى من أنت من وطره
خفت مأثور الحديث غدا
وغد دان لمنتظره
خاب من أسرى إلى بلد
غير معلوم مدى سفره
وسدته ثني ساعده
سنة حلت إلى شفره
فامض لا تمنن علي يدا
منك المعروف من كدره
رب فتيان ربأتهم
مسقط العيوق من سحره
فاتقوا بي ما يريبهم
إن تقوى الشر من حذره
وابن عم لا يكاشفنا
قد لبسناه على غمره
آمن الشنآن فيه لنا
ككمون النار في حجره
ورضاب بت أرشفه
ينقع الظمآن من خصره
علنيه خوط إسحلة
لان متناه لمهتصره
ذا ومغبر مخارمه
تحسر الأبصار عن قطره
لا ترى عين المبين به
ما خلا الآجال من بقره
خاض بي لجيه ذو حرز
يفعم الفضلين من ضفره
يكتسي عثنونه زبدا
فنصيلاه إلى نحره
ثم يعتم الحجاج به
كاعتمام الفوف في عشره
ثم تذروه الرياح كما
طار قطن الندف عن وتره
كل حاجاتي تناولها
وهو لم تنقص قوى أشره
ثم أدناني إلى ملك
يأمن الجاني لدى حجره
تأخذ الأيدي مظالمها
ثم تستدري إلى عصره
كيف لا يدنيك من أمل
من رسول الله من نفره
فاسل عن نوء تؤمله
حسبك العباس من مطره
ملكٌ قَل الشبيه له
لم تقع عين على خطره
لا تغطى عنه مكرمة
ربى واد ولا خمره
ذللت تلك الفجاج له
فهو مختار على بصره
سبق التفريط رائده
وكفاه العين من أثره
وإذا مج القنا علقا
وتراءى الموت في صوره
راح في ثنيي مفاضته
أسد يدمى شبا ظفره
تتأيا الطير غدوته
ثقة بالشبع من جزره
وترى السادات ماثلة
لسليل الشمس من قمره
فهم شتى ظنونهم
حذر المكنون من فكره
وكريم الخال من يمن
وكريم العم من مضره
قد لبست الدهر لبس فتى
أخذ الآداب عن عبره
فادخر خيرا تثاب به
كل مدخور لمدخره