أشهد أن لا امرأة إلا أنتِ
أشهدُ أن لا امرأةً
أتقنت اللعبة إلا أنتِ
وقد تحملت حماقتي
على مدى عشرة أعوام كما تحملتِ
وصبرت على جنوني كما صبرتِ
وقصصت أظافري
ورصت دفاتري
وأدخلتني روضة الأطفال
إلا أنتِ ..
2
أشهدُ أن لا امرأةً
تُشبهني كصورة زيتية
في الفكر والسلوك إلا أنتِ
والعقل والجنون إلا أنتِ
والملل السريع
والتعلق السريع
إلا أنتِ ..
أشهدُ أن لا امرأةً
قد أخذت من اهتمامي
نصف ما أخذتِ
واستعمرتني كما فعلتِ
وحررتني كما فعلتِ
3
أشهدُ أن لا امرأةً
قد تعاملت معي كطفل صغير
إلا أنتِ ..
وقدمت لي لبن العصفور
والأزهار والألعاب
إلا أنتِ ..
أشهدُ أن لا امرأةً
كانت معي كريمة كالبحر
راقية كالشعر
ودللتني كما فعلتِ
وأفسدتني كما فعلتِ
أشهد أن لا امرأةً
قد جعلت طفولتي
تمتد لخمسين عاماً .. إلا أنتِ
4
أشهدُ أن لا امرأةً
تستطيع أن تقول إنها النساء .. إلا أنتِ
وإن في سُرَّتِها
مركز هذا الكون
أشهدُ أن لا امرأةً
تتبعها الأشجار عندما تسير
إلا أنتِ ..
ويشرب الحمام من مياه جسمها الثلجي
إلا أنتِ ..
وتأكل الخراف من حشيش إبطها الصيفي
إلا أنتِ ..
أشهدُ أن لا امرأةً
اختصرت بكلمتين قصة الأنوثة
وحرضت رجولتي عليَّ
إلا أنتِ ..
5
أشهدُ أن لا امرأةً
توقف الزمان عند نهدها الأيمن
إلا أنتِ ..
وقامت الثورات من سفوح نهدها الأيسر
إلا أنتِ ..
أشهدُ أن لا امرأةً
قد غيرت شرائع العالم إلا أنتِ
وغيرت
خريطة الحلال والحرام
إلا أنتِ ..
6
أشهدُ أن لا امرأةً
تجتاحني في لحظات العشق كالزلزال
تحرقني .. تغرقني
تشعلني .. تطفئني
تكسرني نصفين كالهلال
أشهدُ أن لا امرأةً
تحتل نفسي أطول احتلال
وأسعد احتلال
تزرعني
وردة دمشقية
ونعناعاً
وبرتقالاً
يا امرأة،
اتركي تحت شعرك أسئلتي
ولم تجيبيني يوماً على سؤال
يا امرأة هي اللغات كلها
لكنها
تُلمس بالذهن ولا تُقال
7
أيتها صاحبة العيون البحرية
واليدين الشمعية
والحضور الرائع
أيتها البيضاء كالفضة
والملساء كالكريستال
أشهدُ أن لا امرأةً
على محيط خصرها تجتمع العصور
وألف كوكب يدور
أشهدُ أن لا امرأةً .. غيرك يا حبيبتي
على ذراعيها تربى أول الذكور
وآخر الذكور
8
أيتها السليمة الشفافة
العادلة الجميلة
أيتها الشهيّة البهية
الدائمة الطفولة
أشهدُ أن لا امرأةً
تحررت من حكم أهل الكهف إلا أنتِ
وكسرت أصنامهم
وبددت أوهامهم
وأسقطت سلطة أهل الكهف إلا أنتِ
وأشهد أن لا امرأةً
استقبلت بصدرها خناجر القبيلة
واعتبرت حبي لها
خلاصة الفضيلة
9
أشهدُ أن لا امرأةً
جاءت تماماً مثلما انتظرتُ
وجاء طول شعرها أطول مما تمنيت أو حلمت
وجاء شكل نهدها
مطابقاً لكل ما خططت أو رسمت
أشهدُ أن لا امرأةً
تخرج من سحب الدخان .. إن دخنت
تطير كالحمامة البيضاء في فكري .. إذا فكرت
يا امرأة .. كتبت عنها كتباً بحالها
لكنها برغم شعري كله
قد بقيت .. أجمل من كل ما كتبت
10
أشهدُ أن لا امرأةً
مارست الحب معي بمنتهى الحضارة
وأخرجتني من غبار العالم الثالث
إلا أنتِ
أشهدُ أن لا امرأةً
قبلك حلت عقدي
ووضعت لي جسدي على الطاولة
وحاورته كما تحاور القيثارة
أشهدُ أن لا امرأةً
إلا أنتِ ..
إلا أنتِ ..
إلا أنتِ ..
أغنية الليل
سكن الليل وفي ثوب السكون
تختبئ الأحلام
وسعى البدر، وللبدر عيون
ترصد الأيام
فتعالي يا ابنة الحقل، نزور
كرمة العشاق
علّنا نطفئ بذاك العصير
حرقة الأشواق
اسمعي البلبل ما بين الحقول
يسكب الألحان
في فضاء نفخت فيه التلول
نسمة الريحان
لا تخافي يا فتاتي، فالنجوم
تكتم الأخبار
وضباب الليل في تلك الكروم
يحجب الأسرار
لا تخافي، فعروس الجن في
كهفها المسحور
هجعت سكرى وكادت تختفي
عن عيون الحور
ومليك الجن إن مر يروح
والهُوى يثنيه
فهو مثلي عاشق كيف يبوح
بالذي يضنيه!
وقائلة ماذا لقيت من الحب
وقائلةٍ ماذا لقيت مِنَ الحبِّ
فقلت الرَدى وَالخَوف في البعد وَالقرب
فقالت عهدتُ الحبَّ يكسب ربَّه
شمائلَ غرّاً لا تنال بلا حبِّ
فقلت لها قد كان حبّاً فزاده
نفور المهى راءً فَأمسيتُ في حرب
وقد كان لي قلب وَكنت بلا هوىً
فلمّا عرفتُ الحبَّ صرتُ بلا قلب
عذبة أنت كالطفولة كالأحلام
عذبة أنت كالطفولة كالأحلام
كاللحن كالصباح الجديد
كالسماوات الضاحكة كالليلة القمراء
كالورد كابتسام الوليد
يا لها من وداعة وجمال
وشباب منعّم أملود!
يا لها من طهارة تبعث التقديس
في مهجة الشقيّ العنيد!…
يالها رقَّة تكاد يرف الورد
منها في الصخرة الجلمود!
أيُّ شيء تراك؟ هل أنت “فينيس”
تهادت بين الورى من جديد
لتعيد الشباب والفرح المعسول
للعالم التعيس العميد!
أم ملاك الفردوس جاء إلى الأرض
ليحيي روح السلام العهيد!
أنت..ما أنت؟ أنت رسم جميل
عبقريّ من فنّ هذا الوجود
فيك ما فيه من غموض وعمق
وجمال مقدّس معبود
أنت.. ما أنت؟ أنت فجر من السحر
تجلّى لقلبيَ المعمود
فأراه الحياة في مونق الحسن
وجلّى له خفايا الخلودِ
أنت روح الربيع، تختال في
الدنيا فتهتزّ رائعات الورود
وتهبُّ الحياة سكرى من العطر
ويدوي الوجود بالتغريد
كلما أبصرتك عيناي تمشين
بخطوٍ موقّع كالنشيدِ
خفق القلب للحياة ورفّ الزهرُ
في حقل عمريَ المجرودِ
وأنتشت روحي الكئيبة بالحبِّ
وغنت كالبلبل الغريدِ
أنت تحيين في فؤادي ما قد
مات في أمسي السعيد الفقيد
وتشيدين في خرائب روحي
ما تلاشى في عهدي المجدودِ
من طموح إلى الجمال إلى الفنِّ
إلى ذلك الفضاء البعيد
وتبثّين رقة الشوق والأحلام
والشدو والهوى في نشيدي
بعد أن عانقت كآبة أيّامي
فؤادي وألجمت تغريدي
أنت أنشودة الأناشيد غناك
إله الغناءِ ربّ القصيد
فيك شبّ الشّبابُ وشّحهُ السحْر
وشدوُ الهوى وعطر الورود
وتراءى الجمالُ، يرقص رقصاً
قدسيَّا على أغاني الوجودِ
وتهادت في أفق روحك أوزان
الأغاني ورقةُ التغريدِ
فتماليتِ في الوجود كلحنٍ
عبقريِّ الخيالِ حلوِ النشيدِ
خطواتٌ سكرانةً بالأناشيد
وصوتٌ كرجع ناي بعيدِ
وقوامٌ يكادُ يَنطق بالألحان
في كلِّ وقفةٍ وقعودِ
كلُّ شيءٍ موقعٌ فيكِ، حتّى
لفتة الجيد واهتزاز النهودِ
أنتِ.. أنتِ الحياةُ في قدسها
السامى وفي سحرها الشجيِّ الفريدِ
أنتِ.. أنتِ الحياةُ في رقَّةِ
الفجر في رونق الربيعِ الوليدِ
أنتِ.. أنتِ الحياةُ كلَّ أوانٍ
في رُواء من الشباب جديدِ
أنتِ.. أنتِ الحياةُ فيكِ وفي عينيكِ
وفي عينيكِ آياتُ سحرها الممدودِ
أنتِ دنيا من الأناشيد والأحلام
والسحر والخيال المديدِ
أنتِ فوق الخيال والشعر والفنِّ
وفوقَ النُّهى وفوق الحدودِ
أنتِ قدسي ومعبدي وصباحي
وربيعي ونشوتي وخلودي
يا ابنة النور إنني أنا وحدي
من رأى فيكِ روعة المعبودِ
فدعيني أعيش في ظلك العذبِ
وفي قرب حسنِك المشهودِ
عيشةً للجمال والفن والإلهام
والطهروالسنى والسجودِ
عيشةً الناسكِ البتول يُناجي الربّ
في نشوة الذهول الشديدِ
وامنحيني السلام والفرح الرجواني
يا ضوء فجرِي المنشودِ
وارحمي، فقد تهدمتُ في كونه
من اليأس والظلام المشيدِ
أَنْقِذيني من الأَسى، فلقد أَمْسَيْتُ
لا أستطيعُ حملَ وجودي
في شِعَابِ الزمان والموت أمشي
تحت عبء الحياة جَمّ القيودِ
وأماشي الورى ونفسي كالقبرِ،
وقلبي كالعالم المهدودِ
لمةٌ ما لها ختامٌ وهولٌ
شائعٌ في شكونا الممدودِ
وإذا ما اسْتخفّني عَبَثُ الناس
تبسَّمتُ في أسىً وجمودِ
بسمةً مُرّةً، كأنِّيَ أستلُّ
من الشوك ذابلاتِ الورودِ
وانفخي في مشاعري مرح الدنيا
وشدي من عزميَ المجهودِ
وابثّي في دمي الحرارة، علّي
أتغنّى مع المنى من جديدِ
وأبثّ الوجود أنغام قلبٍ
بلبلي، مُكبّل بالحديدِ
فالصباح الجميل ينعش بالدِّفء
حياة المحطّم المكدودِ
أَنْقِذيني فقد سئمتُ ظلامي!
أَنْقِذيني فقد مللتُ ركودي
آهِ يا زهرتي الجميلة لو تَدرين
ما جَدَّ في فؤادي الوحيدِ
في فؤادي الغريب تُخْلَقُ أكوانٌ
من السحر ذات حسن فريد
وشموس وضّاءة ونجوم
تَنثر النور في فضاءٍ مديدِ
وربيعٌ كأنّه حلم الشاعرِ
في سكرة الشباب السعيدِ
ورياض لا تعرف الحَلَك الدَّاجي
ولا ثورة الخريف العتيدِ
وطيور سحرية تتناغى
بأناشيد حلوة التغريدِ
وقصورٌ كأنها الشفق المخضوبُ
أو طلعة الصباح الوليدِ
وغيومٌ رقيقة تتادي
كأبديد من نثار الورودِ
وحياة شعرية هي عندي
صورة من حياة أهل الخلودِ
كلُّ هذا يشيده سحر عينيكِ
وإلهامُ حسنكِ المعبودِ
وحرامٌ عليكِ أن تهدمي ما
شاده الحسنُ في الفؤاد العميدِ
وحرامٌ عليكِ أن تسحقي آمالَ نفسٍ
تصبو لعيشٍ رغيدٍ
منكِ ترجو سعادةً لم تجدها
في حياة الورى وسحر الوجودِ
فالإله العظيم فلا يَرجم العبد
إذا كان في جلال السجود