تعريف السفر وأحكامه في الإسلام
يعتبر السفر في الإسلام موضوعاً له عدة أقسام وأحكام، والتي سيتم استعراضها من خلال النقاط التالية:
- السفر هو مغادرة الفرد لوطنه متجهاً إلى مكان آخر، بشرط أن يمتد السفر لفترة محددة. وينبغي أن تترافق نية السفر مع الفعل، إذ يشترط تواجد القصد والفعل معًا.
- تصنف أنواع السفر وفقًا للاجتهادات الفقهية إلى ثلاثة أقسام:
- سفر الطاعة: وهو السفر الذي يتخذ لأغراض دينية مثل الدعوة إلى الإسلام، أداء الحج والعمرة، وصلة الأرحام ولقاء الأصدقاء.
- سفر المعصية: وهو السفر الذي يقصد به ارتكاب الآثام أو تضيع الوقت في الملذات المحرمة وإهمال الواجبات الدينية.
- سفر مباح: وهو السفر لأغراض مباحة مثل التجارة، الترفيه عن النفس في الحدود المسموحة، أو العلاج.
- تتعلق بالسفر مجموعة من الأحكام الفقهية ومنها: قصر الصلاة، الجمع بين الصلوات، أحكام الصيام، والمسح على الخفين في الوضوء.
الرخص المرتبطة بالسفر
يرى الإسلام أن السفر قد يمثل مشقة، ولذلك فإن المشقة تُعد سبباً مهماً للترخيص ويسر الأمور. حيث يتيح الشارع بعض الرخص في العبادات في سياقات معينة، مثل السفر. وفيما يلي أبرز الرخص المرتبطة بالسفر:
قصر الصلاة الرباعية أثناء السفر
يعتبر قصر الصلاة خلال السفر سنة مستحبة، سواء كان المسافر في حالة أمن أو خوف. وتتلخص أحكام قصر الصلاة فيما يلي:
- تُعتبر العبرة في قصر الصلاة بالمكان وليس بالزمان، فإذا نسي المسافر الصلاة ثم تذكرها خلال سفره، فإنه يمكنه قصرها. وإذا نسي الصلاة في السفر ثم عاد إلى موطنه، يجب عليه إتمامها. كذلك، إذا دُخل وقت الصلاة ثم هاجر، فيجوز له قصر الصلاة. وفي حالة حبس المسافر والذي لم ينوِ الإقامة، أو أقام لسبب دون نية إقامة مطلقة، فإنه يقصر الصلاة، حتى وإن طالت المدة.
- يُسن قصر الصلاة للمسافر بصرف النظر عن وسيلة سفره، سواء كان ماشياً، أو راكباً، براً أو بحراً أو جواً.
- الصلوات التي تقصر هي الصلوات الرباعية، مثل صلاة الظهر، العصر والعشاء، حيث تصبح ركعتين، بينما لا تقصر صلاتي المغرب والفجر.
- إذا صلى مسافر خلف إمام مقيم، فإنه يتم الصلاة اتباعًا للإمام. وفي حالة صلاة المقيم خلف إمام مسافر، فإن السنة أن يقصر المسافر، بعد أن يؤدي ركعتين يقول: “أتموا صلاتكم، فإنا قوم سفر”، أما المقيم فيجب عليه إتمام الصلاة.
جمع الصلاة أثناء السفر
يعني جمع الصلاة ضم إحدى الصلاتين إلى الأخرى في وقت إحداهما، ويمكن أن يكون الجمع إما تقديمًا أو تأخيرًا، مثل الجمع بين المغرب والعشاء. هذه الرخصة جاءت من الله تسهيلاً على المسلم، ومتاح للمسافر الذي يجوز له قصر الصلاة أيضاً جمعها.
إباحة الفطر للصائم في السفر
السفر يتيح الفطر، ويشترط في ذلك عند جمهور الفقهاء أن ينوي الشخص الفطْر قبل طلوع الفجر. إذ لا يجوز له الفطْر بعد أن يصبح صائماً، بينما أجاز بعض العلماء الفطر بعد شروعه في الصوم إذا تبين أن ذلك هو الأنسب لحالته. ويفضل للصائم في السفر أن يصوم إذا كان قادراً، ومع ذلك، فإن الفطر يكون واجباً إذا تسبب السفر له في الضرر أو التعب الشديد.
المسح على الخفين خلال السفر
تُعتبر هذه من الرخص التي اقتضت الحكمة الإلهية لتسهيل الأمور على المسلم، خاصة في الظروف الجوية الصعبة أو أثناء الرحلات. مدة المسح تختلف بين المسافر والمقيم، حيث يرى بعض الفقهاء أن هذه المدة غير محددة وتنتهي بنزع أحد الخفين، بينما يرى آخرون أن مدتها للمسافر تصل إلى ثلاثة أيام ولياليها، وللمقيم يوم وليلة.
إسقاط صلاة الجمعة في السفر
إسقاط فرض الجمعة عن الرجال خلال السفر هو رخصة أيضاً. وقد اتفق الفقهاء على أن الإقامة شرط أساسي لوجوب صلاة الجمعة، كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يسافر مع أصحابه في أيام الجمعة ولم يُعرف عنهم أنهم أقاموا صلاة الجمعة أثناء السفر.
شروط السفر الذي يجوز فيه أخذ الرخص
من الضروري الإشارة إلى أن هذه الرخص إنما هي من تيسير الله على العباد، ولكن يجدر الإشارة إلى وجود عدة شروط يجب أن تتوفر في السفر ليكون مبيحًا للرخص، وهي كما يلي:
- يجب أن يبلغ السفر المسافة المحددة شرعًا. وقد تباينت آراء الفقهاء بشأن مقدار هذه المسافة، حيث يقول البعض إنها تعادل يوم وليلة أو يومين معتدلين، في حين اعتبر آخرون أنها مسافة ثلاثة أيام. وعلى الرغم من ذلك، فإن أخذ الرخص يكون جائزاً حتى لو سلك المسافر هذه المسافة في زمن قصير مثل السفر لمسافة اليوم والليلة في ساعة، خاصةً بعد تطور وسائل النقل.
- يُشترط القصد، حيث اتفق الفقهاء على ضرورة أن ينوي المسافر عند بدء رحلته الذهاب إلى مكان معين، فإذا انطلق دون وجهة محددة، يعتبر أنه يجب عليه إتمام الصلاة.
- يشترط أيضًا مفارقة العمران، إذ لا يُمكن البدء في أخذ الرخص ما لم يتم مغادرة العمران.
- وفقاً للمذهب المالكي والراجح عند الشافعية والحنابلة، يُشترط ألا يكون السفر في معصية. فالرخص تُعتبر مساعدة، والمسافر الذي ينوي المعصية لا يُعان عليها، بينما لم يشترط الحنفية هذا الشرط، مما يعني الجواز في الترخص مهما كان هدف السفر.
في الختام، يكشف المقال عن أهم أحكام السفر، ويتناول مفهوم السفر وأنواعه، بالإضافة إلى تلخيص لأبرز الأحكام ذات الصلة، ثم التطرق لأهم الشروط التي يجوز الاحتكام إليها عند السفر للاستفادة من الرخص.