أخلاق المسلم
التعريف بالأخلاق في الإسلام
تشير الأخلاق إلى المبادئ والقيم التي تنظم سلوك الإنسان، وفي السياق الإسلامي، تعدّ الأخلاق الإسلامية مجموعة من التصرفات المحددة بالشرع، التي أوحاها الله -سبحانه- إلى نبيّه محمد -صلى الله عليه وسلم-، والذي بدوره علّمها للمسلمين قولا وفعلا؛ للتوجيه نحو العيش بأسلوب يرضي الله -تعالى-.
تتميز الأخلاق الإسلامية بنوعين؛ الأول هو الطابع النظري، والذي يُمثّل الإرادة الإلهية، أما الثاني فهو الطابع العملي، الذي يظهر في تطبيق المسلم للأخلاق وفقاً للتشريع الإلهي، مما يُنظّم حياته مع نفسه، ومع الله، ومع المجتمع.
لذا، لا تُعتبر الأخلاق جزءاً من النظام الإسلامي فحسب، بل تشكل روحه وجوهره، الذي يجب أن يظهر في جميع جوانب حياة المسلم. وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ الأخلاق).
وفي هذا السياق، عرّف الإمام الجرجاني الخُلق بأنه “هيئة راسخة في النفس تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر دون الحاجة إلى تفكير عميق. فإن كانت هذه الهيئة مُنتجة للأفعال الجميلة عقلاً وشرعاً بسهولة، سُمّيت خُلقاً حسناً، أما إذا كانت مُنتجة لأفعال سيئة، فهي خُلق سيئ.”
حثّ الإسلام على الأخلاق
لقد كان الأنبياء -عليهم السلام- من أحسن الناس أخلاقاً، وقد قال الله -تعالى- مُمدحاً سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، وهو ما يُظهر عظمة الأخلاق التي تحلّى بها النبي -صلى الله عليه وسلم-، والذي يحثّنا على اتباعها.
كان -عليه الصلاة والسلام- يسكت على غيظه ويعفو عن الناس حتى في أوكد حالات الغضب، كما قال -تعالى-: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)، وكان يتسم باللطف مع الناس وبالصبر في تعليمهم، كما وصفه الصحابي عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- بعبارات تدل على حسن خلقه، فقال: (لم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاحشاً ولا مُتفحِّشاً).
وحُسن الخلق مطلوب شرعاً، فمثلاً مَن حسُن خلُقه نال أجراً عظيماً، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أنا زعيمٌ ببيتٍ في رَبَضِ الجنة لمَن ترك المِراءَ وإن كان مُحقاً، وببيتٍ في وسط الجنة لمَن ترك الكذبَ وإن كان مازحًا، وببيتٍ في أعلى الجنة لمَن حَسُن خُلُقه).
وإذا ساء خلق الإنسان وألحق الأذى بالناس، فسوف ينال العقوبة يوم الحساب من الله -سبحانه-، فلا ينبغي للمسلم أن يُلحق الأذى بغيره عمدًا، حيث ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قوله: (إن مِن أحبّكم إليّ وأقربكم منّي مجلسًا يوم القيامة أحسنكم أخلاقًا).
نماذج من أخلاق المسلم
يتوجب على المسلم التمسك بالأخلاق الحسنة التي حثّ عليها الإسلام، والتحلي بالفضائل والخصال الجيدة في حياته بشكل دائم، ومن أهم الأخلاق المطلوب توافرها في المسلم:
الصدق
يعدّ الصدق خُلُقاً أساسياً في حياة المسلم، إذ لا يكذب المسلم، ويعتبر الكذب ضلالاً وخسارة. وقد مدح الله -سبحانه- الصادقين لمكانتهم حين قال: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ).
كما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهمية الصدق، حيث قال: (عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة).
الأمانة
الأمانة هي خُلُق يُظهر مدى احترام الإنسان للمسؤوليات الملقاة على عاتقه، فهي تجسد الفطرة السليمة. وقد تناول الله -تعالى- الأمانة في عدة مواضع، حيث قال: (إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا).
التواضع
التواضع يُعبر عن قلبٍ يعرف قدره ويحترم الآخرين. فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: وما تَواضَعَ أحدٌ لله إلا رفعه الله.
الصبر
لا بُدّ للإنسان أن يمرّ بمحن وابتلاءات، إذ كتب الله -سبحانه- هذا على الناس. قال -تعالى-: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ).
العزّة
تُستمد العزّة من النعم التي منحها الله -تعالى- للإنسان، وأعظمها نعمة الإسلام.
الرحمة
تعدّ الرحمة من أسمى الأخلاق التي تدفع الإنسان للعطف على الآخرين. وقد قال الله -تعالى-: (رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا).
الإخلاص
يُعتبر الإخلاص من أهم الصفات التي يجب على المسلم التمتع بها، حيث أن عبادة الله تحتاج إلى نية خالصة.
أدب الحديث
على المسلم استغلال نعمة الكلام بما يرضي الله والابتعاد عن اللغو والجدال.
الحلم والصفح
تتطلب الأخلاق الإسلامية أن يكون المسلم رحيماً ومتسامحاً، كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رقيق القلب مع الآخرين.
طرق اكتساب المسلم للأخلاق
تنقسم الأخلاق الإسلامية إلى نوعين؛ الأخلاق الفطرية التي يولد بها الإنسان، والأخلاق المكتسبة من المحيط أو من خلال التعليم والتعلم.
أهمية الأخلاق للمسلم
تكتسب الأخلاق أهمية كبيرة، فهي تعتبر روح الإسلام والأساسات التي يقوم عليها. من خلال الأخلاق، يُنظم الله تعالى سلوك البشر ويهذب النفوس ويتفاعل مع المجتمعات.