قصيدة: زارني عقب العشاء طيفٍ يقول
كتب الشاعر إبراهيم بن جلق قصيدة مؤثرة في رثاء زوجته، وجاء فيها:
زارني طيفٌ بعد العشاء وقال: انتبه يا شيت، مثلك لا ينام.
أتعلم ما علمه؟ هناك شيء مروع.
لقد كنت أحارب الكرى لمدة عشرين عامًا.
فقلت له: سألتك بالله، ماذا جرى؟
قال: لأجلك يا زين، شربت كأسًا، فيه مروج الحمام.
فقلت: من قال أنه يهتم؟
قال: جئت يوم السبت، عند بابه، كان الزحام.
أصابني الرعب، وأرسلتٌ برسالة، طمأني الأخبار.
قال لي: سلام، والله ما فيه كلام.
واستجاب له ربه السماوي بحُسن الختام.
تأمل عيني، عندما دنيت للغسول.
وما كان الطريق له حرام.
سمعت أمه عند تفصيل الحُجُول،
تندب بصوتها، وكانت تقول:
ليت أبو وضحا كشف عنها اللثام.
جهزوا ثم حملوها نحو القبور.
عزوة بين المخاول، والعمام.
فرن الخفرات، وما غاب عنهم العقول.
أُجري عليه الموادع، والسلام،
وغير به للمصلى، والفحول.
كان الجميع خلف الإمام،
يسألون الله، عسى له بالقبول.
مقاما طيبا، يصرف به السقائم.
وذهبوا بالشوق قبلي للنزول.
عن حسن بصري، فقد كانت جنوبه للمقام،
فاحفروا له حفرة، بالقاع طولا،
والعرض شبرين تمام.
حدورها خمسة منهم كف.
في حضرة الغائب، مناعير كرام.
واغمروا جسده بعد ديباج الزُّلول.
لبنة داخل مطوي هيام،
وضعوا فوقه قناديل تُلوح،
وضعوا له النصايب علامات.
ثم انطلقوا مسرعين بالدخول،
وضع الغضى شرقي المقام،
في فضاء جيد للسيول.
بين ابن سيرين، والصحب الكرام.
تعجز عيني، والظباء حوله تظل.
بادرت قبره بالحب والتمام.
والوحوش النافرة من كل جول.
ركرن قبره، وهن له اشتمام.
والوحم اختلط بين تلك الجيول.
يُعجن بالنوح، بأصوات الحمام،
والطيور الحايمة من كل زول.
واطبقنا عليه الغمام.
ما الذي أصابه في هذا الوقت الهائل؟
كيف اعتاد على طيب المنام؟
قمت مرعوبًا، وقلت له بخوف:
كف يا ملعون، عن باقي الكلام.
وأغضى الطرف، واتبعت السعي.
بسبب الوركين، كان الحزام مهضومًا.
وأغضيت الطرف لتتحمل ميولي،
فالقد كان جسدي منه ضائعًا.
قاتل ما أرتجي فيه البديل،
وما غيره على مثلي حرام.
اختفى صافي البها زين الدلول،
عن أحبابه، بات في لحده ظلام.
ما حسبت أن القمر نوره يزول،
كيف يُدفن تحت الأرض بدر التمام؟
لو كان رسول الموت يقنعه البذل،
لأن أسواق البيض، وأدرك المراد.
كان سقينا له عطيات جزول،
من عزيز المال، لو أغلى المسامات.
تركوها عمن ملامي يا العذول،
والكفر مني، علي العذال عاملو.
لذا فقد عذلتوني عقول،
كان شفتوا حال مثلي ما يلام.
كالجرايد ما أقوم من النحول،
ما بقي بي كود جسم والعظام.
من فراق الترف، بانت لي خلول،
نحل جسمي، وحالي بانسمام.
كيف ذا يعذل بلوم أو بنول؟
بالعمر قد طال وهو في هذا السقام.
ما بقى لي حيلة أو حيل حول.
كد بالله، عمدتي عند الوزام،
راحل الشكوى، ومن لطفه عجول.
ما سوى الله لي، وهو نصر المظالم.
أسأل الله بالنبي ويا البتول،
والناس، والطور، والبيت الحرام.
أعتزي صبر وسقمي، ذا يزول،
من ثنا رب كريم لا يرام.
وفي النهاية، أزكي صلاتي للرسول،
المشفع للملا خير الأنام.