لقد خلق الله عز وجل الإنسان وكرّمه ليعمر الأرض، حيث تم اختياره ليكون خليفةً عليها، وأوكل إليه الأمانة منذ أن خُلق حتى يومنا هذا. في هذا المقال، نستعرض مراحل خلق الإنسان كما جاءت في القرآن الكريم.
مراحل خلق الإنسان
عند الرغبة في فهم مراحل خلق الإنسان، نجد أن القرآن الكريم قد شرحها بتفصيل وترتيب منذ زمن بعيد، قبل أن يتمكن الأطباء من إثباتها عبر الطب الحديث. وتتلخص هذه المراحل فيما يلي:
يمكنك كذلك معرفة المزيد حول:
خلق الإنسان من تراب
ذكر الله تعالى أن الإنسان خُلق من الماء والتراب، حيث أبدع الله عز وجل سيدنا آدم عليه السلام من الطين. وقد جاء ذلك في قوله تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ}:
- كما أمر الملائكة بالسجود له كونه أول الخلق، وذلك في قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ}.
مرحلة النطفة
تتكون النطفة من الماء الذي يساهم فيه كل من الرجل والمرأة معًا. إذ يمكن وصفها بالحيوانات المنوية التي يفرزها الرجل والبويضة التي تنتجها المرأة:
- النطفة تعبر عن الأمشاج، وهو مزيج بين الرجل والمرأة، وتشير إلى بداية خلق الإنسان التي تحدث عند تلقيح البويضة بواسطة الحيوان المنوي، وقد ذكر الله تعالى هذا الحدث في قوله: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً}.
- علاوة على ذلك، تحدث عملية انقسام للنطفة بعد تلقيحها، مما يؤدي إلى زيادة عدد الخلايا حتى تصل إلى حجم كرة قطرها لا يتجاوز 4/1 ملم.
- تستغرق هذه المرحلة أسبوعًا كاملًا قبل أن تصبح النطفة ملتصقة بجدار الرحم، ثم تنتقل إلى طور العلقة.
مرحلة العلقة
تُعتبر مرحلة العلقة من المراحل التي تحدث بعد أن تلتصق النطفة بجدار الرحم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم في قوله: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً}، حيث تعني الدم الغليظ المتجمد:
- تمتد فترة هذه المرحلة من نهاية الأسبوع الأول حتى نهاية الأسبوع الثالث من الحمل.
- خلال هذه الفترة، تنمو العلقة لتنتقل إلى طور المضغة.
مرحلة المضغة
تظهر هذه المرحلة بمعنى القطعة من اللحم الممضوغ، حيث بعد الفترة السابقة تظهر المضغة كشكل مخلوق وغير مخلوق.
تشير “المخلقة” إلى الأجزاء التي تتشكل كأعضاء في جسم الإنسان، بينما “غير مخلقة” تعني الأجزاء التي لا تتشكل، بل تعوض الجسم عما يتآكل منه.
- وقد جاء ذكر هذه المرحلة في الآية الكريمة: {يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ}.
يمكنك أيضًا الاطلاع على:
مرحلة خلق العظام واللحم
هي المرحلة التي يتم خلالها تشكيل المضغة لتكون عظامًا تنمو بداخلها، وتكوين الهيكل العظمي للإنسان، تليها مرحلة كساء العظام باللحم. وبعد فترة، يظهر الهيكل الغضروفي للإنسان.
وجاء هذا في قوله تعالى: {فخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً}.
مرحلة نفخ الروح
تُعتبر هذه المرحلة الأخيرة، حيث ينفخ الله عز وجل الروح في الجنين، مما يؤدي إلى بدء نبض قلبه ويصبح قادرًا على الإحساس. وتبدأ حياة الجنين بالاعتراف بها منذ نفخ الروح:
- قال الله تعالى عن هذه المرحلة: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ}، حيث تشير إلى أن بعد نفخ الروح، يصبح خلقًا جديدًا يتبع عدد من الأحكام الشرعية مثل الوصية والإرث وغيرها، وهذا ما اتفق عليه العديد من الفقهاء.
- كما أكد عدد من العلماء أن هذه المرحلة تأتي بعد مرور 40 يومًا على الحمل، مستندين إلى حديث الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه: “أنَّ خَلْقَ أحَدِكُمْ يُجْمَعُ في بَطْنِ أُمِّهِ أرْبَعِينَ يَوْمًا أوْ أرْبَعِينَ لَيْلَةً.….”.
خلق الإنسان
يمثل خلق الإنسان عملية إبداعية عظيمة إذ خلق الله تعالى الإنسان من النجوم المختلفة، بما في ذلك الجسد، والروح، والعقل. في الإسلام، يعدّ خلق الإنسان من أعظم الآيات التي تدل على قدرة الله وعظمته. وتعتبر قصة خلق الإنسان من أبرز القصص التي ترد في القرآن الكريم والسنة النبوية.
إليك بعض النقاط الهامة حول خلق الإنسان في الإسلام:
- مصدر الخلق: يُظهر القرآن الكريم أن الله هو الخالق الأوحد للإنسان، فهو من صور الإنسان من طين، ثم نفخ فيه من روحه.
- الغاية من الخلق: خُلق الإنسان لعبادة الله والسعي نحو المعرفة، والتطور الروحي والأخلاقي؛ كما ورد في القرآن الكريم: “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ”.
- تميز الإنسان: يُبرز القرآن فضل الله سبحانه وتعالى على الإنسان بالعقل والخلق الحسن، ويجعله خليفة على الأرض.
- التعليمات الإلهية: أوجب الله تعالى على الإنسان القيام بالطاعات والابتعاد عن المعاصي، وذلك من خلال توجيهاته وتعاليمه التي وردت في القرآن الكريم وسنة النبي محمد ﷺ.
- التكامل البدني والروحي: يؤمن المسلمون أن الإنسان يتكون من جسد مادي وروح معنوية، ويتوجب عليه العناية بكلا الجانبين لتحقيق التوازن والتنمية الشاملة.