في هذا المقال، نتناول مفهوم الأخلاق كما عرضه الفيلسوف اليوناني أرسطو، الذي وُلِد عام 384 قبل الميلاد. على الرغم من أن أرسطو قام بدراسة مجموعة متنوعة من العلوم، إلا أن إسهاماته في مجال الفلسفة تعتبر الأبرز. ومع مرور الزمن، لم يصل إلينا من أفكاره إلا القليل. من خلال موقعنا، سنسلط الضوء على أبرز ما ذكره أرسطو حول الأخلاق.
من هو أرسطو
يعتبر أرسطو واحدًا من أعظم الفلاسفة في تاريخ الغرب، حيث تغطي أفكاره معظم جوانب الحياة من علم وفن، وهو مؤسس المنطق الرسمي.
قضى أرسطو فترة من حياته على يد معلمي البلاط الملكي في القصر المقدوني، نظرًا لأن والده وعمه كانا موظفين في القصر.
درس أرسطو في أكاديمية أفلاطون لمدة 18 عامًا في أثينا، قبل أن يغادر لإجراء بعض التجارب في جزر الأرخبيل اليونانية.
مفهوم الأخلاق عند أرسطو
يغطي أرسطو مفهوم الأخلاق من خلال ثلاث وثائق رئيسية، حيث يعتقد البعض أن اثنتين من هذه الوثائق كتبهما تلاميذه. وسنركز على النقاط الرئيسية التي وردت في الوثيقة المعروفة باسم “الأخلاق إلى نيقوماخوس”، والتي يُعتقد أنها من تأليفه:
- يرى أرسطو أن الأخلاق يجب أن تُدرس عمليًا وليس نظريًا فقط، حيث أنه من المهم أن يكون الشخص صالحًا ويعمل الخير، دون الاعتماد فقط على تعريفات نظرية.
- تناولت فلسفة أرسطو الأخلاق بشكل موسع، حيث حاول تعريفها وحدد لها أسسًا وضوابط، وربط بين الأخلاق والسعادة، مشددًا على أن السعادة هي الهدف الأسمى للبشر.
- الأخلاق، وفقًا لأرسطو، هي ممارسة تهدف إلى إدارة وتحدي رغبات الإنسان في السيطرة على جسده وعقله، لتصبح جزءًا لا يتجزأ من الضمير، وبالتالي تحفز الإنسان على فعل الخير بشكل تلقائي.
- قسم أرسطو طبيعة البشر إلى ثلاثة أنواع: نوع يميل إلى التفكير العقلي، والذي يعتبره أرقى أنواع الطبيعة الإنسانية، والنوع الذي يسعى وراء المكانة والشرف، ونوع آخر يركز على المتعة.
- يشدد أرسطو على أن من يتمتعون بالسعادة نتيجة تحقيق متعة معينة لا يعتبرهم يتمتعون بالأخلاق في نظره، بل ينتقدهم ويعتبرهم في مرتبة دُنيوية.
- فيما يتعلق بالتفكير العقلي، يُعتبر أنه يُظهر أفضل جوانب وجود الإنسان.
- يعتبر أرسطو أن الأخلاق هي ممارسة العقل للوصول إلى أعلى مراتب الفضائل.
- يؤمن أرسطو بوجود غرائز داخل الإنسان تدفعه نحو الشر، لكن الأخلاق المستقرة في النفس تُمكّنه من مقاومة تلك النداءات.
أهم مقولات أرسطو عن الأخلاق
إليك أبرز ما قاله أرسطو حول الأخلاق:
- الجاهل يؤكد، والعالم يشك، والعاقل يتروى.
- كل الفضائل تختصر في العدالة.
- شر الناس هو من يضر نفسه ومن حوله بفساده.
- أولئك الذين يغضبون يفقدون السيطرة على أنفسهم.
- جبن الحيوان يظهر شجاعة عندما يكون وحده.
- العادات الجيدة التي نكتسبها في الشباب تصنع الفرق في حياتنا.
- الكرامة ليست مجرد تملك للصفات المشرّفة، بل تتعلق بالاستحقاق.
- لا تتخلى عن الحق، فتتركه إلى الباطل.
- الشجاعة هي الصفة الأساسية في الإنسان، لأنها تضمن جودة الصفات الأخرى.
- سُئل أرسطو: من يصنع الطغاة؟ فأجاب: ضعف المظلومين.
- العقل الضيق يقود دائمًا إلى التعصب.
- العقل هو النور الذي زوّده الله للروح.
الأخلاق في الإسلام
الأخلاق في الإسلام تمثل مجموعة من القواعد المستمدة من الوحي، حيث بُعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الأخلاق. ويدل الإسلام على أن الأخلاق الحسنة ليست مجرد ترف، بل تُكافأ عليها النفس بالثواب إذا تحلى بها المرء، بينما يُعاقب على الصفات السيئة.
تحلي الأخلاق الحميدة هو أفضل وسيلة لنيل محبة النبي صلى الله عليه وسلم والفوز بقربه يوم القيامة، حيث قال: “إنَّ من أحبِّكم إليَّ وأقربِكم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ أحسنَكم أخلاقًا” (المحدث: المنذري).
وفي الختام، عارض علماء الإسلام الفلسفات الأخلاقية لأسباب تتعلق بعدم وضوح الأجوبة التي تقدمها للإجابة عن احتياجات النفس لتحقيق السعادة، لذا يجب أن يكون مرجعنا في هذا الموضوع هو ديننا العظيم الذي يقدم لنا أجوبة شافية لكل تساؤلاتنا.