من منطلق أن السجن يُعتبر مكانًا يُحتجز فيه الأشخاص المدانون بجرائم معينة، فإن مسألة أول من أرسى دعائم السجون في الإسلام تستحق البحث. في فترة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كان يتم احتجاز المجرمين في المساجد. في هذا المقال، نستعرض معًا تفاصيل حول أول من أنشأ السجون في الإسلام.
أول من أسس السجون في الإسلام
- في بداية تأسيس الدولة الإسلامية، كان المجرمون يُحتجزون في المساجد، أو في منازل رجال الأمن أو في خيامهم، واستمر ذلك حتى في زمن الخلفاء الراشدين، مثل أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان.
- ومع اتساع رقعة الدولة الإسلامية في عهد الخليفة علي بن أبي طالب، أصبح من الصعب الاستمرار في استخدام المساجد أو المنازل كأماكن احتجاز.
- بناءً على ذلك، أصدر أمير المؤمنين أمرًا بتشييد مبنى مخصص ليكون سجنًا، حيث أقيم هذا المكان في مدينة الكوفة، مع مراعاة الظروف الإنسانية.
تعريف السجن
- السجن، بشكل عام، هو المكان الذي يُحتجز فيه المجرمون لفترة معينة كعقوبة مرتبطة بسلوكياتهم الخارجة عن القانون، ويساهم في إصلاحهم. لقد تم ذكر السجون في العصور القديمة، كما ذُكرت في القرآن الكريم في سورة يوسف.
- حيث جاء في قوله تعالى (ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ). للأسف، لم تكن هناك سجون رسمية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
السجون في عهد النبي محمد
- بعد تأسيس الدولة الإسلامية، تولى النبي محمد صلى الله عليه وسلم قيادة الحكم، ولم تكن الجريمة شائعة في عهده.
- كان يُعرف عنه الحكمة في حل النزاعات ومنح الحقوق لأصحابها. كما كان يتخذ إجراءات عقابية ضد اللصوص والمجرمين، مما جعله غير مضطر لبناء سجون ضخمة.
- ومع زيادة عدد الجرائم بمرور الزمن، ظهر مفهوم الاحتجاز، يتم فيه استخدام المساجد والمنازل كأماكن مؤقتة لحبس المجرمين.
- وحيث أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجز سهيل بن عمرو في بيت حفصة وسجن بعض يهود بني قريظة، وكذلك النساء المذنبات في أماكن خاصة.
- لم يُسمح للمحتجزين بالمغادرة قبل انتهاء فترة العقوبة، والتي لم تكن طويلة في العادة.
السجون في عهد أبو بكر الصديق
- بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، تولى أبو بكر الصديق الخلافة، وواجه العديد من التحديات، منها الردة.
- على الرغم من ذلك، لم يكن هناك حاجة لبناء سجون، حيث كانت الجريمة تتطلب استخدام المساجد والمنازل كأماكن احتجاز.
السجون في عهد عمر بن الخطاب
- مع تولي عمر بن الخطاب الخلافة، شهدت الدولة الإسلامية توسعًا كبيرًا وزيادة في عدد المسلمين، وظهرت أعداد متزايدة من أنشطة الإجرام.
- لذا كان من الضروري تخصيص أماكن مناسبة للاحتجاز والمحاسبة. وكان عمر هو أول من قرر تخصيص مكان محدد كسجن للمجرمين.
- وقد قام بشراء منزل من أحد الصحابة للغرض نفسه، مما أدى إلى إنشاء أول سجن رسمي.
السجون في عهد عثمان بن عفان
- استمر الخليفة عثمان بن عفان في تخصيص المنازل كسجون، كما قام بشراء مزيد من المنازل وتزويدها بحراس.
- لكن الوضع لم يتطور بشكل فعلي حتى عهد علي بن أبي طالب، الذي جاء بعد الفتنة الكبرى الناجمة عن مقتل عثمان.
السجون في عهد علي بن أبي طالب
- علي بن أبي طالب وُلد في عام الفيل، وتحديدًا في الكعبة، حيث كانت والدته فاطمة بنت أسد تمر بمرحلة المخاض.
- تربى علي في كنف النبي محمد، وكان له دور بارز في الدفاع عن الإسلام وهو صغير. يُعتبر من أوائل من آمن برسالة النبي صلى الله عليه وسلم.
- مع التوسع الكبير للدولة الإسلامية، أدرك علي أنّ من الضروري إنشاء سجن مخصص للمجرمين بدلاً من الاحتجاز في المنازل أو المساجد.
- بنى سجنًا في الكوفة باستخدام الحجارة والطين، ليكون أمنيًا وصالحًا لمنع الهروب.
السجن الإصلاحي في عهد علي بن أبي طالب
- كان هدف السجن في عهد علي بن أبي طالب هو الإصلاح، لذا اهتم بجميع جوانب حياة السجناء النفسية والجسدية.
- حرص على توفير الطعام والملابس المناسبة لهم، ومعالجة المرضى منهم، وتوفير خدم خاص لكل سجين.
- كما قام بعلاج السجناء الذين لا أمل في شفائهم في منزله بدلاً من السجن، وألغى عقوبتهم إذا لزم الأمر.
- هذا بالإضافة إلى حرصه على تعليم السجناء القراءة والكتابة، وكافة الأحكام الدينية.
- وصي بفتح أبواب السجون لعائلات السجناء لزيارتهم خلال صلاة الجمعة والأعياد.