تُعَدُّ جمهورية مصر العربية واحدة من الدول التي تتمتع بتنوع مناطقها السياحية، ولها شهرة عالمية خاصة.
فضلاً عن تنوع طبيعتها الجغرافية والمناخية، تعتبر منطقة وادي النطرون من أبرز هذه المناطق.
سنستعرض في السطور التالية موقع وادي النطرون.
موقع وادي النطرون
يُصنَّف وادي النطرون كأحد المنخفضات الصحراوية الواقعة غرب دلتا النيل، وتمتد هذه المنطقة على طول مديرية التحرير.
يُمكن الوصول إلى وادي النطرون عبر الطريق الصحراوي الذي يربط بين الإسكندرية والقاهرة، ويبعد نحو 10 كيلومترات عن مدخل مدينة السادات.
ينخفض وادي النطرون بحوالي 50 مترًا عن مستوى الهضبة المحيطة، في حين تتجاوز عمق النقطة الأقصى داخل وادي النطرون نحو 24 مترًا تحت مستوى سطح البحر.
يُعتبر وادي النطرون من أصغر المنخفضات الصحراوية في جمهورية مصر، حيث تبلغ مساحته نحو 500 كيلومتر مربع. ويتميز بوجود بداية ونهاية لكنه ليس له منابع أو مصبات.
تبعد المنطقة عن مدينة الإسكندرية حوالي 85 كيلومترًا، بينما تقع على بُعد 80 كيلومترًا من القاهرة.
أسباب تسمية وادي النطرون
يُشتق اسم وادي النطرون من المعنى الهيروغليفي “حقل الملح”، وقد عُرف هذا الوادي بعدة أسماء عبر العصور.
في العصر الفرعوني، كان يُسمى “سخـت حمات” وهو ما يُشير إلى حقل الملح، وكان يُعتبر جزءًا من الإقليم الثالث في مصر.
تم توثيق ذلك على جدران معبد أدفو، وذُكر أيضًا باسم “أنتت حسمن” أي بحيرة السماء. بينما عُرف في اليونانية القديمة باسم “سكيتيس”، بمعنى مكان النساك. وعقب الفتح الإسلامي، تمت تسميته بصحراء الأسقيط.
أطلق أيضًا عليه اسم “وادي هبيب” نسبة إلى الأعرابي هبيب بن مغفل الذي شهد فتح مكة.
في اللغة العربية، استُخدم الاسم المترجم عن اللغة القبطية وادي النطرون، الذي استقر حتى وقتنا الحاضر.
يتميّز وادي النطرون بوجود العديد من البحيرات التي تتراوح بين 16 إلى 20 بحيرة، بعمق لا يتجاوز مترين.
أهم المعالم السياحية في وادي النطرون
تتميز منطقة وادي النطرون بوجود العديد من المعالم السياحية والتاريخية والمقدسة لبعض الديانات، ومن أبرزها:
- دير العذراء البراموس: يُعتبر واحدًا من الأديرة الشهيرة في المنطقة ويستقطب الزوار لما له من أهمية دينية وتاريخية.
ينتمي دير العذراء البراموس إلى الطائفة المسيحية الأرثوذوكسية، وتم تسميته نسبةً إلى القديس البراموس.
- بحيرة نبع الحمراء: تُعد من البحيرات المعروفة في وادي النطرون، وتعرف أيضًا باسم بحيرة أيوب وتقع في وسط صحراء وادي النطرون.
تبلغ مساحة البحيرة حوالي 300 فدان، وتُعتبر من البحيرات ذات الملوحة العالية، ومن الحالات النادرة فيها أن تحتوي على بعض العيون العذبة.
تُعتبر بحيرة نبع الحمراء وجهة علاجية معروفة في وادي النطرون.
- دير الأنبا مقار: يُنسب إلى الأنبا مقار، الذي كان تلميذًا للأنبا أنطونيوس، مؤسس الرهبانية المسيحية.
هذا الدير يعتبر من المعالم الدينية المهمة في المنطقة، ويعود تاريخه إلى القرن الرابع عشر الميلادي، حيث تبلغ مساحته حوالي 11.34 كيلومتر مربع.
يحتوي هذا الدير على سبع كنائس، بالإضافة إلى بعض المساكن الخاصة بالرهبان.
- دير الأنبا بيشوي: يُعد من أكبر الأديرة التي أُسست في القرن الرابع الميلادي، ويتميز بشهرته الواسعة بين الكنائس والأديرة.
- دير العذراء السريان: يُعتبر أحد أصغر الأديرة في المنطقة ويضم أربع كنائس وقصر للضيافة، حيث كان يقضي فيه الأنبا بيشوي فترة من الاعتكاف.
الخريطة السكانية بوادي النطرون
شهدت منطقة وادي النطرون زيادةً في عدد السكان في الآونة الأخيرة، بسبب النشاطات الزراعية والرعوية المتزايدة.
حيث يبلغ عدد السكان الحاليين في منطقة وادي النطرون نحو 77 ألف نسمة وفقًا لأحدث إحصائيات عام 2006. بينما يُقدَّر عدد سكان المدينة بنحو 20 ألف نسمة، يتوزع الذكور والإناث بالتساوي تقريبًا.
ويصل عدد الأسر في مدينة وادي النطرون إلى حوالي 5000 أسرة.
تُولي الحكومة المصرية أهمية كبيرة لفرص التنمية في هذه المنطقة السياحية، حيث تم إدخال خدمات المياه النظيفة والكهرباء والصرف الصحي، بالإضافة إلى بعض خدمات البنية التحتية الضرورية.
هذا أدى إلى خلق فرص استثمار عديدة على المستويات التجارية والصناعية والزراعية.
لمحة تاريخية عن وادي النطرون
تعود جذور منطقة وادي النطرون إلى الحضارات القديمة، بدءًا من الحضارة الفرعونية، حيث كانت لها أهمية خاصة في تلك الحقبة.
وقد شهدت المنطقة العديد من الأسماء عبر العصور المختلفة.
تُعتبر وادي النطرون مركزًا تاريخيًا للمجموعات الرهبانية والقديسين الذين استقروا في مصر، مما أضاف لها قيمة دينية مهمة للكثير من الطوائف المسيحية.
موقع وادي النطرون في الصحراء الغربية جعله نقطة محورية للعديد من الرحالة، حيث أثبتت التقسيمات الإدارية في الحضارة الفرعونية أهميتها.
برزت أهمية وادي النطرون خلال عهد الملك رمسيس الثالث، حيث شهدت حروبًا وصراعات عسكرية.
كما تضاعفت الأهمية الاستراتيجية للمنطقة قديمًا، إذ كانت تُعتبر خط الدفاع ضد الغزاة من وادي النيل.
واستمر اهتمام التاريخ بمنطقة وادي النطرون بعد ميلاد السيد المسيح، حيث كانت نقطة تجمع للرهبان خلال رحلاتهم في مصر.
أيضًا، شهدت المنطقة مرور العائلة المقدسة خلال هربها من الملك هيرودس.
السياحة العلاجية في وادي النطرون
تُعتبر وادي النطرون من المناطق المشهورة بالسياحة العلاجية في مصر، بفضل وجود بحيرة نبع الحمراء.
تتميز هذه البحيرة بمستوى ملوحة يعادل تسعة أمثال ملوحة البحر، ويأتي إليها العديد من السياح من داخل مصر وخارجها للعلاج المائي.
علاوة على ذلك، تحتوي البحيرة على نبع ماء عذب يسهم في علاج مجموعة من الأمراض الجلدية مثل الصدفية وأمراض العيون والعظام.
استمدت البحيرة اسمها من التربة الطينية الحمراء الموجودة بها، والتي تُعتبر مفيدة للكثير من الزوار الباحثين عن الاستشفاء.
بالإضافة إلى ذلك، تشتهر البحيرة بوجود كائن الأرتينا ذو اللون الأحمر الذي يُؤَثِّر في فصل الصيف على السياح الذين يقومون بفرك الطين على أجسادهم قبل الاستحمام في مياهها المالحة.
تبلغ مساحة البحيرة حوالي 300 فدان، مما يجعلها من البحيرات الكبيرة في المنطقة.
توجد أسطورة تقول إن النبع انفجر أثناء مرور السيدة مريم العذراء وابنها المسيح في رحلتهم إلى مصر، مما أضاف قيمة تاريخية ودينية هامة لهذه المنطقة.
يُعتبر يوم الجمعة من كل أسبوع وقتًا مميزًا للزوار، حيث يتوافد الكثير من الناس من مختلف المحافظات لزيارة الوادي بغرض العلاج والاستمتاع بجمال المناظر الطبيعية والجو المعتدل.